تسن القوانين الضرورية لإدارة الحياة المدنية والجنائية والدستورية من قبل مجلس منتخب، وإبعاد أي صلة للدين بهذه القوانين.
ولا يهم وافقت هذه القوانين الشريعة الإسلامية أم خالفتها.
وأما أحكام الشريعة فيجب تجاوزها وتخطيها وإلغاؤها لتاريخيتها وكونها كانت تعبيرا عن أوضاع معينة كما يرى أركون ونصر أبو زيد والقمني وعبد المجيد الشرفي والعشماوي وغيرهم.
وزاد العشماوي فاختزل الإسلام في مجموعة من الوصايا الأخلاقية التي يمكن أن تحل محلها وصايا الإنجيل (١).
وسيأتي معنا لاحقا كلام أبي زيد في تاريخية القرآن، وكونه منتجا ثقافيا أفرزته ثقافة الواقع العربي، وبالتالي كان صالحا لتاريخ نزول هذه الأحكام.
ولا يظن أن العلمانية لا تمانع من أن يحتكم الناس للدين في الأحوال الشخصية، بدليل أن العلمانية الغربية التي هي أم العلمانيات لا دخل للدين في الأحوال الشخصية عندها، من زواج وطلاق وميراث.
بل حتى تركيا لا تسمح للإسلام بإدارة الأحوال الشخصية، وتقرب منها تونس، وحاول العلمانيون في المغرب تحقيق هذا الهدف عبر حملتهم المسعورة: إدماج المرأة في التنمية، فرد الله كيدهم في نحرهم.
ومن سمح بذلك من العلمانيين فهو إما جاهل بحقيقة العلمانية أو لبقايا إيمانية في قلبه، أو مجاملة وقتية، لأن أصل العلمانية يمنع الدين من التدخل في
(١) وانظر الشريعة الإسلامية والعلمانية الغربية (٥٧ - ٥٨).