للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعم قد يوجد من العلمانيين من ليس ملحدا نظريا، لكنه يقصي الدين والمفاهيم الدينية عن كل مجالات الحياة. لأن الدين في نظره كان تعبيرا زمنيا عن أوضاع اجتماعية معينة قبل تمكن العقل البشري من فهم آليات الكون وتفاعلاته المختلفة.

واتضح من خلال كل ما تقدم أن العلمانية ليست مجرد تحكيم العقل كما يدعي بعض العلمانيين (١)، بل هي منظومة فلسفية، لها رؤية للكون والمستقبل، ولهذا سمى أتباع روبرت أدين العلمانية بالدين العقلاني (٢).

فالعلمانية كما قال بعض الباحثين لا تكتفي بتحرير الدولة أو الفضاء السياسي عامة من سيطرة الدين بقدر ما تعمل على إحلال دين علماني وثوقي محل الديانات القائمة، أي: فرض رؤية دهرية وغرس قيم وسلوكيات علمانية صلبة تحل محل التصورات والقيم الدينية بقوة الدولة وأجهزتها الإيديولوجية العنيفة.

وهي حسب المسيري: رؤية عقلانية مادية ترى العالم في إطار مرجعية مادية كامنة فيه، فالعالم يحوي داخله ما يكفي لتفسيره، والعقل قادر على


(١) الإلحاد في الغرب لرمسيس عوض (٢٥١). نقلا عن العلمانيون والقرآن الكريم (١٢٨).
لكن المشكلة لا تكمن في استخدام العقل أو عدم استخدامه، وإنما في نوع العقل الذي يستخدم (عقل مادي أداتي أم عقل قادر على تجاوز المادة؟) وفي الإطار الكلي الذي يتحرك فيه هذا العقل والمرجعية النهائية التي تصدر عنه كما قال المسيري في العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة (٢٨٧).
(٢) في العلمانية والدين والديمقراطية (٤٣ - ٤٤).

<<  <   >  >>