ومع انتشار البحث العلمي في أوروبا بدأت تهتز مكانة الكنيسة في النفوس، وبدأت مصداقيتها تتلاشى، وكثرت المناهج الفلسفية الداعية إلى المنهج العقلي التجريبي بدل أساطير الكنيسة.
وهكذا تتابعت أبحاث ديكارت وسبينوزا وجون لوك وغيرهم.
وكذلك قابلت نظرية نيوتن في الجاذبية التي بينت إمكان تفسير الظواهر الطبيعية اعتمادا على ربط بعضها ببعض دون حاجة إلى تدخل خارجي.
فحاربتها الكنيسة واعتبرت أن الأشياء لا تعمل بذاتها، ولكن عناية الله هي التي تسيرها.
ولم تفهم الكنيسة أنه لا منافاة بين كون الله فاعلا من جهة، وبين كون الأشياء لها أسباب طبيعية تؤثر فيها كما هو رأي أهل السنة والحديث، خلافا للجبرية والقدرية.
كل هذه الظروف وغيرها جعلت من الكنيسة عائقا كبيرا أمام التقدم والبحث العلمي والتطور. لذلك كان واجبا الحد من نشاط الكنيسة ومجال عملها، وفصلها التام عن مجمل الحياة العامة وأصبح جميع الأوروبيين مقتنعين بضرورة الحد من هيمنة الكنيسة وحبسها داخل جدرانها وإفساح المجال للبحث العلمي بالتحرر السياسي.
من رحم هذه الأوضاع جاءت فلسفة الأنوار العلمانية.
«جاء التنوير الأوربي فلسفة رافضة لتجاوز الكنيسة حدودها التي رسمها الإنجيل: خلاص الروح ومملكة السماء، ومدافعة عن النزعة الدنيوية [العلمانية] للفلسفة الأوربية وداعية إلى العقل الذي استبعدته الكنيسة والرأي