للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النظم والقوانين الغربية فُرِض على هذه الأمة بالحديد والنار وبالقتل والإبادة في ظل الاستعمار الذي خلف وراءه شرذمة من الأبناء البررة بمشروعه العلماني (١).

وإن العلمانية رغم تسلطها وتجبرها ووقوف أجهزة الدولة خاصة الإعلام بقضها وقضيضها معها لا تمثل إلا قشرة رقيقة جدا طافية على السطح، لا تلبث طويلا حتى تيبس ثم تتساقط متناثرة لأنها لا تستطيع النفاذ إلى الجماهير الشعبية التي هي قوة الإسلام وردؤه ومعدنه، وليس كالمسيحية المثخنة بالجراح، وإن الإسلام أقوى وأعظم من أن تناله أيادي العابثين أعداء الأمة، كما سنذكر في فصل لاحق إن شاء الله (٢).

وقد بدأت أول بوادر العلمانية في العالم العربي والإسلامي مع بدء الحملة الاستعمارية وإرهاصاتها الأولى في القرن ١٩م.

وكان أول من قاد محاولات الاختراق الأولى مسيحيو الشام وغيره مثل يعقوب صروف (١٨٥٢ - ١٩٢٧) وفارس نمر (١٨٥٦ - ١٩٥١) وشاهين مكاريوس (١٨٥٣ - ١٩١٠) وشبلي شميل (١٨٦٠ - ١٩١٧) ونقولا حداد (١٨٧٨ - ١٩٥٤) وجرجي زيدان (١٨٦١ - ١٩١٤) وفرح أنطون (١٨٧٤ - ١٩٢٢) وسلامة موسى (١٨٨٨ - ١٩٥٨) وغيرهم.

فهو خيار غير إسلامي لنفر من غير المسلمين، أنشأه وبلوره وزكاه - لدى بعضهم- العداء المستكن للإسلام والإعجاب المفرط إلى درجة الانبهار والتقليد للحضارة الغربية، ورد الفعل الحاد لمأساة التعصب الطائفي الذي لعب الاستعمار الدور الأول في إشعال ناره بلبنان والشام سنة ١٨٦٠م (٣).


(١) العلمانيون والقرآن الكريم (٢٥١).
(٢) انظر نفس المرجع (٢٥٤).
(٣) نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم (٣ - ٤).

<<  <   >  >>