للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدنيوية أو الدنيوية المتعالية أي: الروحانية الفاعلة في هذا العالم وبوسائل هذا العالم ... » (١).

وزاد قبل هذا: «إن إضافة الإسلام الكبرى تتمثل في تغيير معنى الديني أصلا من خلال وصله بالدنيوي، وتغيير معنى الدنيوي عبر وصله بالروحي والديني، بما يجعل الواحد منهما وثيق الصلة بالآخر» (٢).

وزاد: «ويمكن القول هنا إن الإسلام يؤسس ضربا جديدا من الدنيوية يمكن تسميتها بالدنيوية المتعالية أو الدنيوية الروحية، كما أنه يعطي دلالة جديدة لمعنى الروحي والديني في إطار ما يمكن تسميته بالروحية الدنيوية. ففيما يحث الإسلام على التمتع بطيبات هذه الحياة الدنيا فإنه يحرص على إكسائها بالفضائل الأخلاقية والروحية بهدف الارتقاء بالمادي إلى طور السمو الروحي.

وهكذا يمكن القول إن جوهر الاختلاف بين الإسلام والعلمانية لا يعود إلى ارتباط الإسلام بالمطلقات الغيبية مقابل ارتباط العلمانية بعالم الدنيا النسبية، بقدر ما يتعلق بنوعية الرؤية إلى هذه الدنيا وصلتها بالآخرة. وخلافا للقراءة الفيبرية (٣) التي ترى الديني لا يكتسب سموه وأفضليته إلا بقدر نأيه عن مشاغل العالم بما يتيح عقلنة البنى الاجتماعية والسياسية بعيدا عن الكوابح والموجهات الدينية على حد قوله، فإن القاعدة العامة التي تحكم الإسلام تقوم على كون الديني لا يكتسب قيمته إلا من خلال انخراطه في مشاغل العالم. ومن ثم استيعاب ما يسمى بالعلماني (٤) والدنيوي ضمن بنيته الداخلية، وهذا ما


(١) في العلمانية والدين والديمقراطية (١٣١).
(٢) نفس المرجع (١١١).
(٣) نسبة إلى ماكس فيبر عالم الاجتماع الألماني.
(٤) في هذا الإطلاق نظر.

<<  <   >  >>