للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(ب) قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المؤمن لا يَنْجُسُ ". (١)

الجواب عن ذلك:

قد تلصق أعيان النجاسة بالمؤمن فيكون حاملاً لها ولكنّه هو لا ينجس، ألا ترى أن الرجل يكون على جسده دماً مسفوحاً أو بولاً فنقول له لا تصلى هكذا حتى تزيل هذه النجاسة. فهل يعنى ذلك أنّه نجس؟ الجواب: لا، وإنّما هو يحملها فقط. وكذلك الحائض فإن حيضتها نجاسة تحملها معها، أمّا هي ذاتها فليست نجسة، ونقول لها لا تصلى ولا تصومي ولا تمكثي في المساجد و....و.....، ليس لأنّها نجسة، ولكن لأنّها تحمل النجاسة.

قال السندي (٢) : ونجاسة بعض الأعيان اللاّصقة بأعضائه أحياناً لا توجب نجاسة الأعضاء، نعم تلك الأعيان يجب الاحتراز عنها فإذا لم تكن فما بقى إلا أعضاء المؤمن فلا وجه للاحتراز عنها.

فكأنّه قال: لو كانت هناك نجاسة لكانت تلك النجاسة في أعضاء المؤمن إذ ليس هناك عين نجاسة لاصقة به، والمؤمن لا ينجس بهذه الصفة فلا نجاسة.

وقال العظيم آبادي (٣) : معنى قوله: " لا ينجس " أي بالحدث سواء كان أصغر أو أكبر، ويدل عليه المقام، إذ المقام مقام الحدث، فلا يرد بأنه يتنجس بالنجاسة. وقد يقال: إن المراد نفسه لا يصير نجساً، لأنّه إن صحبه شيء من النجاسة فنجاسته بسبب صحبته بذلك، لا أن ذاته صار نجساً، فإذا زال ما كان معه من النجاسة فالمؤمن على حاله من الطهارة، فصدق أن المؤمن لا يتنجس أصلاً.

ومن أدلتهم: (ج) : كان أهل الصُفّة يبيتون في المسجد بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم جماعة كثيرة، ولا شك أن فيهم من يحتلم، فما نُهوا قط عن ذلك.

الجواب:


(١) خ ٢٨٣، م ٤ / ٦٦، ن ١ / ١٤٥ عن أبى هريرة مرفوعاً، حم ٥ / ٣٨٤، م ٤ / ٦٧، د ٢٣٠، ن ١ / ١٤٥، هـ ٥٣٥ عن حذيفة مرفوعاً أيضاً.
(٢) في حاشيته على سنن النسائي ١ / ١٤٥
(٣) عون المعبود ١ / ٣٨٧

<<  <   >  >>