وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وقوله ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وقوله يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي الآية وقوله فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً الآية وأشباهها من آلاى بل أكثر القرآن حققت ما بينته من ايجاز الفاظها وكثرة معانيها وديباجة عبارتها وحسن تأليف حروفها وتلاؤم كلمها وان تحت كل لفظة منها جملا كثيرة وفصولا جمة وعلوما زواخر ملئت الدواوين من بعض ما استفيد منها وكثرت المقالات في المستنبطات عنها ثم هو في سرد القصص الطوال وأخبار القرون السالفة التى يضعف في عادة الفصحاء عندها الكلام ويذهب ماء البيان آية لمتأمله من ربط الكلام بعضه ببعض والتئام سرده وتناصف وجهه كقصة يوسف على طولها ثم اذا ترددت قصه اختلفت العبارات عنها على كثرة ترددها حتى تكاد كل واحدة تنسى في البيان صاحبتها وتناصف في الحسن وجه مقابلتها ولا نفور للنفس من ترديدها ولا معاداة لمعادها
[الوجه الثاني من اعجازه سورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب]
الوجه الثاني من اعجازه سورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومناهج نظمها ونثرها الذى جاء عليه ووقفت مقاطع آيه وانتهت فواصل كلماته اليه ولا يوجد قبله ولا بعده نظير له ولا استطاع أحد مماثلة شيء منه بل القتل (وَلَوْ تَرى) يا محمد (إِذْ فَزِعُوا) لرأيت أمرا يعتبرنه (فَلا فَوْتَ) أي لا يفوتوننى كقوله وَلاتَ حِينَ مَناصٍ وقيل لا فوت ولا نجاة اذ فزعوا عند الموت (وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) أي من تحت أقدامهم أو من بطن الارض الى ظهرها وأراد بالمكان القريب عذاب الدنيا وهو يوم بدر قاله الضحاك أو خسف يكون بالبيداء قاله ابن ابزي (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي أصبر عند الغضب واحلم عند الجهل واعف عند الاساءة قاله ابن عباس فاذا فعلت ذلك خضع لك عدوك وصار (الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ) كابي سفيان بن حرب (كَأَنَّهُ وَلِيٌّ) قريب (حَمِيمٌ) صديق (وقيل) بعد تناهى أمر الطوفان (يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ) الذى على وجهك (وَيا سَماءُ أَقْلِعِي) اتركي صب الماء (فَكُلًّا) من كفار الامم السالفة (أَخَذْنا بِذَنْبِهِ) من غير أن يفوتونا (فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً) أى ريحا تحمل الحصباء وهي الحصا الصغار وهؤلاء قوم لوط (وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ) وهم ثمود (وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ) وهم قارون وأصحابه (وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا) وهم قوم نوح وفرعون وقومه (بل أكثر) بالنصب (القصص) بكسر القاف جمع قصة (آية لمتأمله) بمد الهمزة وتحتية (سرده) بفتح المهملة وسكون الراء ثم مهملة أي يتابعه يقال سرد الحديث سرده سردا اذا تابعه وجاء به شيأ بعد شيء (صاحبتها) بالنصب (لمعادها) بضم ما أعتد منها (والاسلوب) بضم الهمزة واللام وسكون المهملة والواو بعدها موحدة أى الفن (آية)