للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون والأدعاء مع العجز بقولهم لو نشاء لقلنا مثل هذا وقد قال لهم الله ولن تفعلوا فما فعلوا ولا قدروا ومن تعاطى ذلك من سخفائهم كمسيلمة كشف عواره لجميعهم وسلبهم الله ما ألفوه من فصيح كلامهم والا فلم يخف على أهل الميز منهم انه ليس من نمط فصاحتهم ولا جنس بلاغتهم بل ولوا عنه مدبرين وأتوا مذعنين من بين مهتد وبين مفتون هذا وقد أسلم كثير منهم عند بديهة سماعه وسجد آخرون دهشة لقوته وبكى أناس منهم فرقا واعترتهم روعة لمفاجأته وكلهم ممن لم يفهم معناه ولا تفسيره روي أن نصرانيا سمع قارئا فوقف يبكي فقال بكيت للشجا والنظم وان اعرابيا سمع قارئا يتلو فاصدع بما تؤمر فخرّ ساجدا وقال سجدت لفصاحته وفي الصحيح عن جبير بن مطعم قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ الى قوله الْمُصَيْطِرُونَ كاد قلبي أن يطير وكلم عتبة بن ربيعة النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من خلاف قومه فتلا عليه حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ الى قوله مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ فامسك عتبة بيده على في النبي صلى الله عليه وسلم وناشده الرحم أن يكف. قال القاضى عياض وأنت اذا تأملت قوله تعالى وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ وقوله (والادعا) بالكسر أيضا (عواره) بضم المهملة وقد يفتح قال الجوهرى العوار العيب (الفوه) بكسر اللام وضم الفاء أي اعتادوه ويجوز سكون الواو مع فتح الفاء أي موجدوه بفتح الميم وسكون التحتية ثم زاى مصدر ماز يميز بمعني ميز يميز تمييزا (وقد أسلم كثير منهم عند بديهة سماعه) قال عياض في الشفاء حكي أن عمر ابن الخطاب كان يوما نائما في المسجد فاذا هو بقائم على رأسه يتشهد شهادة الحق فاستخبره فاعلمه انه من بطارقة الروم ممن يحسن كلام العرب وغيرها وأنه سمع رجلا من أسري المسلمين يقرأ آية في كتابكم فتأملتها فاذا هي قد جمع فيها ما أنزل الله على عيسى بن مريم من أحوال الدنيا والآخرة وهي قوله تعالى وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ الآية (فرقا) أي خوفا (للشجا) بفتح المعجمة والجيم والمد يقال شجاه يشجوه اذا أحزنه واذا أطربه أيضا (وقال سجدت لفصاحته) ذكر ذلك عياض في الشفا عن أبي عبيد القاسم بن سلام بالتشديد وفي الحديث (الصحيح) في البخاري وغيره (حم كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ الى آخره) قد سبق ذكر هذه القصة (وَلَكُمْ فِي) وجوب (الْقِصاصِ) على الجاني عمدا (حَياةٌ) وذلك لانه اذا علم أنه سيقتص منه ترك القتل فحي هو ومن أراد قتله وقيل في المثل القتل انفي للقتل وقيل في المثل القتل قلل

<<  <  ج: ص:  >  >>