[خبر اشتداد قريش على أبي طالب ووثوب كل قبيلة على من اسلم منها يعذبونه]
فلما رأت قريش ذلك اجتمع أشرافهم ومشوا الي أبى طالب وقالوا له ان ابن أخيك قد سب آلهتنا وعاب ديننا وسفه أحلامنا وضلل آباءنا فاما أن تكفه عنا واما أن تخلى بيننا وبينه فانك على مثل ما نحن عليه من خلافه فنكفيكه فقال لهم أبو طالب قولا رفيقا وردهم ردا جميلا ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ما هو عليه فشرى الأمر بينهم وبينه حتى تولدت احن وضغائن ثم مشوا الى أبى طالب مرة أخرى وأعذروا اليه في أمر النبى صلى الله عليه وآله وسلم واشتد قولهم في ذلك فعظم على أبي طالب فراق قومه ولم يطب نفسا بخذلانه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم كلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فظن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قد بدا لعمه تركه والعجز عن نصرته فقال يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يسارى على أن اترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم باكيا فقال له يابن أخى قل ما أحببت فو الله لا أسلمك لشيء أبدا ثم مشوا الى أبى طالب مرة أخرى بعمارة بن الوليد بن المغيرة وكان من أنهد شبانهم وأجملهم وعرضوا عليه أن يتخذه ولدا بدلا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال لهم بئسما تسومونني به أتعطونى ابنكم أغذوه لكم وأعطيكم ابنى تقتلونه هذا والله ما لا يكون ابدا فتنابذوا وتذامروا للحرب ووثبت كل قبيلة على من اسلم منهم دونه عرضا يقيه بها المكاره (وسفه) أي نسب الى السفاهة (أحلامنا) جمع حلم بكسر الحاء وسكون اللام وهو العقل (وضلل آباءنا) أي نسبهم الى الضلالة (قولا رفيقا) بفاء ثم قاف أي لينا (فشري) بفتح المعجمة وكسر الراء أي ثار وعظم (إحن) جمع إحنة كمحنة وهي الضغن (وضغائن) بمعجمتين جمع ضغن بكسر أوله وهو البغض والعداوة (فعظم) مثلث الظاء والضم أشهر (ولم يطب نفسا) أي لم تطب نفسه (قد بدا) بغير همز (والله لو وضعوا الشمس في يميني الى آخره) علق ترك هذا الامر بأعلى درجات الاستحالة تنبيها على ان ترك ذلك الامر بهذه المثابة وفيه اشارة الى ان الامر الذي أراده أظهر من الشمس والقمر فكانه قال الامر الظاهر لا يحال عليه الا الى ما هو أظهر منه وجعل الشمس في يميني والقمر في يساري تنحط درجته في الظهور عن ذلك الامر (أو أهلك) بكسر اللام (ثم استعبر) أي أظهر العبرة (باكيا) حال (اسلمك) بضم الهمزة وسكون المهملة مخفف (أنهد) أي أقوى كما مر (تسومونني) أي ما تعرضون على من سام السلعة اذا عرضها للبيع (أتعطوني) بهمزة الاستفهام الانكاري وضم أوله رباعي (اغذوه) بالمعجمتين من الغذاء أي اربيه (فتنابذوا) أي تطارحوا العهود التي بينهم وأعلم كل منهم الآخر انه حرب له (وتذامروا للحرب) بالمعجمة تفاعلوا من الذمار وهو الغضب أو الهلاك (ووثبت)