شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال أبو بردة قالت لي أسماء فلقد رأيت أبا موسى وانه ليستعيد هذا الحديث منى
[فصل في حكم الفرار بالدين والعجز عن مقاومة المشركين]
(فصل) كانت هجرة الحبشة أوّل هجرة في الاسلام* وبعدها الهجرة الكبرى الى المدينة ثم حكم الهجرة باق الى الآن متى وجد معناها وهو الفرار بالدين والعجز عن مقاومة المشركين أو الملحدين. ونقل القرطبى عن ابن العربي المالكي رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً فائدة حسنة وأنا أوردها على معنى ما ذكر متحريا لبعض اللفظ قال رحمه الله تعالى قسم العلماء رضى الله عنهم الذهاب في الارض قسمين هربا وطلبا فالاول ينقسم الى ستة أقسام. الاول الخروج من دار الحرب وهي باقية مفروضة الى يوم القيامة فان بقى في دار الحرب عصى ويختلف في حاله.
الثانى الخروج من أرض البدعة الذي يعجز عن تغييرها. الثالث الخروج من أرض غلب عليها الحرام فان طلب الحلال فرض على كل مسلم الرابع الفرار من الأذى في البدن رخصة من الله تعالى قال الله تعالى مخبرا عن موسى فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ. الخامس الخروج من البلاد الوخيمة وقد أذن النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم للعرنيين حين استوخموا المدينة ان يخرجوا وقد استثنى من ذلك الخروج من الطاعون لقيام الدليل عليه. السادس أى مجتمعة (قال أبو بردة) هو ابن أبي موسى واسمه عامر على الصحيح (ليستعيد) بالاهمال أى سألني اعادة ذلك الحديث سرورا به
(فصل) كانت هجرة الحبشة (أول) بالنصب خبر كان (أو الملحدين) أى المائلين عن الحق (ونقل القرطبى) هو شارح مسلم وهو غير مصنف التذكرة وكلاهما منسوب الى قرطبة بضم القاف والمهملة بينهما راء ساكنة وبعد الطاء موحدة تشدد وتخفف بلد عظيم بالمغرب (ابن العربي) هو الامام الجليل أبو بكر شارح الترمذي الآلة ملازمة له وهي الفرق بينه وبين ابن عربي الصوفي المشهور (مُراغَماً) أي متحولا يتحول اليه وقيل متزحزحا عما يكره (متحريا) أى قاصدا ويرادفه التوخي والاجتهاد (الخروج من دار البدعة) أي المحرمة (طلب الحلال فريضة على كل مسلم) هو حديث أخرجه الطبراني من حديث ابن مسعود وأخرجه الديلمي في مسند الفردوس. وللقضاعي من حديث ابن عباس ولابى نعيم في الحلية من حديث ابن عمر طلب الحلال جهاد (للعرنيين) بضم العين وفتح الراء سيأتي ذكرهم بعد في كلام المصنف (لقيام الدليل عليه) أي على النهى عن الخروج فرارا منه وهو قوله صلى الله عليه وسلم واذا وقع وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه