وموت العابد الملك المولى ... بحكم الحق منقصة وفصمه
وموت الفارس الضرغام هدم ... فكم شهدت له بالنصر عزمه
وموت فتى كثير الجود محل ... فان بقاءه خصب ونعمه
فحسبك خمسة يبكى عليهم ... وموت الغير تخفيف ورحمه
ولبعضهم أيضا
اذا جار الأمير وكاتباه ... وقاضى الأرض داهن في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل ... لقاضى الأرض من قاضى السماء
ومن آفات الرياسة ان يتصدى لها ويدخل فيها قبل الاستعداد والتأهل فيعرض نفسه للفتن والاحن ويفتضح ولا يفلح وأنشد بعضهم:
الكلب أحسن عشرة ... وهو النهاية في الخساسه
ممن ينازع في الرئاسة ... قبل أوقات الرئاسه
[تتمة في بعث عمرو بن العاص أميرا على جيش ذات السلاسل وذكر بعض مناقبة والكف عن ذكر أصحاب رسول الله إلا بخير]
وقال بعضهم من تصدر قبل أوانه تصدى لهوانه وقد تمادى بنا الكلام في هذه الغزاة رجاء الفائدة ولم يذكر البخارى فيها غير حديث واحد وخرجه مسلم أيضا وهو ما رويا تعالى «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها» أن ذلك موت العلماء وذهاب الفقهاء (ففى مرآه) بفتح الميم وسكون الراء ومد الهمزة أي منظره (منقصة) أي نقص (وفصمه) بالفاء والمهملة أي انقطاع (الفارس الدرغام) بكسر المعجمة أي شديد البأس (عزمه) جد واجتهاد وصبر على مقاساة أحوال الحرب (وموت فتى كثير) بالكسر (الجود) والكرم والسخاء والسماحة مترادفة قال في الشفاء وقد فرق بعضهم بينهما بفروق فجعل الكرم الانفاق بطيب النفس فيما يعظم خطره ونفعه وسموه أيضا حرية وهو ضد النذالة والسماحة التجافي عما يستحقه المرء عند غيره بطيب نفس وهو ضد الشكاسة والسخاء سهولة الانفاق وتجنب اكتساب ما لا يحمد وهو الجود وهو ضد التقتيز (محل) بفتح الميم وسكون المهملة جدب (فان بقاءه خصب) بكسر المعجمة وسكون المهملة (فحسبك) أي يكفيك (فويل) شدة عذاب قاله ابن عباس أو واد في جهنم قاله سعيد بن المسيب وجاء في الحديث الويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره أخرجه أحمد والترمذي وابن حبان والحاكم من حديث أبى سعيد الخدري (الرئاسة) بكسر الراء أن يصير الشخص رئيسا (أن يتصدى) أي يتعرض (ويدخل) بالفتح وكذا ما بعده (ولا يفلح) أي لا ينجو (عشرة) مثلث العين والكسر أشهر أي معاشرة (من تصدر) أي ترأس (قبل أوانه) أي وقته (تصدى لهوانه)