[مطلب في حج أبي بكر تلك السنة وإردافه بعلي يؤذن ببراءة في الحج]
حج ابو بكر الصديق وكان من خبر ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم من تبوك في رمضان أقام بالمدينة الى ذي القعدة وأراد الحج فذكر مخالطة المشركين وما اعتادوه من الجهالات في حجهم وان الأشهر الحرم والعهود التي لهم تمنع من منعهم فساءه ذلك وأمر أبا بكر على الحجاج وبعث معه بسورة براءة حاصلها التبرأ من عهود المشركين والتأجيل لهم أربعة أشهر ذهابا في الأرض اينما شاؤا ومن كان له عهد الى مدة ولم ينقص المسلمين شيئا ولم يظاهروا عليهم أحدا كبعض بني بكر فهو الى مدته فيما تضمنته أربعون آية من صدر سورة براءة ثم بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعده على بن ابي طالب على ناقته العضباء تحريم الخمر كما روي أصحاب السنن والحاكم ان عمر قال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فأنزل الله تحريمها وفي قوله تعالى مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ الآية ذكره البغوى وابن جرير وابن أبي حاتم من حديث عبد الرحمن بن أبى ليلى قلت ومنها قصة الاستغفار للمنافقين كما روي الطبرانى من حديث ابن عباس قال لما أكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاستغفار لقوم من المنافقين قال عمر سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم ومنها آية لما استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في الخروج الى بدر أشار عمر بالخروج فنزل كما أخرجك ربك من بيتك بالحق الآية ذكره أهل السير ومنها انه لما استشاره صلى الله عليه وسلم في فراق عائشة يوم الافك قال عمر من زوجكها يا رسول الله قال الله قال أفتظن ان ربك دلس عليك فيها سبحانك هذا بهتان عظيم فنزلت كذلك ومنها ما أخرجه أحمد وغيره انه لما جامع امرأته في رمضان ليلا بعد الانتباه وكان ذلك محرما أول الاسلام فنزل أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ الآية ومنها ما أخرجه ابن مردويه وابن أبي حاتم وغيرهم عن أبي الاسود قال اختصم رجلان الى النبى صلى الله عليه وسلم فقضى بينهما فقال الذى قضي عليه ردنا الى عمر فقال أكذلك قال نعم فقال عمر مكانكما حتى أخرج اليكما فخرج اليهما مشتملا على سيفه فضرب الذي قال ردنا الى عمر فقتله وأدبر الآخر فقال يا رسول الله قتل عمر والله صاحبي فقال ما كنت أظن ان يجترئ عمر على قتله مؤمن فأنزل الله عز وجل فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ الآية فاهدر دم الرجل وبرأ عمر من قتله وله شاهد موصول وفي تفسير البغوي ان المقتول كان منافقا وخصمه يهوديا ومنها الاستئذان في الدخول وذلك انه دخل عليه غلامه وكان نائما فقال اللهم حرم الدخول فنزلت آية الاستئذان ذكره بعض المفسرين ومنها موافقته لقوله تعالى ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ الاية أخرجه ابن عساكر في التاريخ عن جابر* حج أبي بكر الصديق (وما أعتادوه من الجهالات ك) كطوافهم بالبيت عراة (فثناه ذلك) أي رجعه (أمر) بالتشديد (على الحجاج) بضم الحاء (بسورة براءة) أى باربعين آية من صدرها ليقرأها على أهل الموسم كما سيذكره المصنف (ولم ينقص المسلمين) بالمهملة (من صدر سورة براءة) الى قوله وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ كما في رواية ابن جرير (العضباء) باهمال العين واعجام الضاد