قتلناه بسيفه ولما دخل لقيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجبذه بحجزته جبذة شديدة وقال ما جاء بك يابن الخطاب فو الله ما أرى أن تنتهى حتى ينزل الله بك قارعة فقال جئتك لأومن بالله فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحا. وفي صحيح البخارى عن عبد الله بن عمر قال لما أسلم عمر اجتمع الناس عند داره وقالوا صبأ عمر وأنا غلام فوق ظهر بيتي فجاء رجل عليه قباء من ديباج فقال صبأ عمر فما ذاك فأنا له جار قال فرأيت الناس قد انصدعوا عنه فقلت من هذا فقالوا العاص بن وائل. وروى عن عبد الله بن عمر انه قال لابيه بعد الهجرة يا أبت من الذى زجر عنك القوم وهم يقاتلونك جزاه الله خيرا قال يا بنى ذاك العاص بن وائل لا جزاه الله خيرا وكان للعاص بن وائل في آل الخطاب حلف وولاء.
[مطلب في اجتماع بطون قريش على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب وكتبهم بذلك الصحيفة ودخول أبي طالب ومن انحاذ معه الشعب محاصرين من قريش]
وفي ليلة هلال المحرم من السنة السابعة من المبعث اجتمعت قريش وتعاهدوا على قطيعة بنى هاشم وبنى المطلب ومقاطعتهم في البيع والشراء والنكاح وغير ذلك فكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في جوف الكعبة توكيدا لامرها ويحكى ان كاتبها شلت يده قيل هو منصور بن عكرمة وقيل النضر بن الحرث وقيل بغيض بن عامر ولما تم ذلك انحاز البطنان المذكوران الى أبي طالب ودخلوا معه في شعبه وبقوا هناك محصورين مدة وخرج عنهم أبو لهب وتضور المسلمون بذلك جوعا وعريا ولحقتهم (ما أرى) بالضم والفتح (قارعة) بالقاف والراء أى عذاب يقرع القلب لشدته (فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه ندب التكبير لحدوث الامر الذى يسر (فرحا) يجوز فيه كسر الراء حالا وفتحها مصدرا (لما أسلم عمر اجتمع الناس) أى بعد ان فشا اسلامه وكان الذي أفشاه جميل بن معمر الجمحي الذي نزل فيه ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وذلك بعد ان ذكر له عمر اسلامه وهو يريد ان يفشيه ذكره ابن اسحاق وغيره (صبأ) أي خرج من دين الى دين وهو بالهمز وتركه فعلى الاول جمعه كقتلة وعلى الثاني كرماة (غلام) كان سنة اذ ذاك خمس سنين (قباء) بفتح القاف والمد (ديباج) بكسر الدال وفتحها عجمي معرب نوع من الحرير (زجر عنك) قال في الصحاح الزجر المنع والنهى وزجر البعير ساقه (فائدة) أخرج ابن ماجه من حديث ابن عباس ان عمر لما أسلم نزل جبريل على النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد لقد استبشر أهل السماء باسلام عمر وأخرج الطبراني في الكبير من حديث أبي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل ليبك الاسلام على موت عمر* ذكر كتب الصحيفة (وكتبوا بذلك صحيفة) كان كتبها أوّل يوم من المحرم (شلت) بفتح المعجمة أي يبست (بغيض) بالموحدة والمعجمتين بوزن عظيم (انحاز) بهمز وصل فنون ساكنة فمهملة آخره زاي أى انضم (وبقوا) بضم القاف وأصله بقيو فترك لاستثقاله (قال السهيلي) هو الامام الحافظ عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد الخثعمى مات سنة ثمانين وخمسمائة وهو منسوب الى السهيلية قرية بالاندلس سميت باسم الكوكب لانه لا يرى في جميع بلاد الاندلس الامن