وان يدركنى يومك أنصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحى وذكره البخارى في موضع آخر وزاد في السورة الى قوله تعالى عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ وزاد في آخره قال وفتر الوحى فترة حتي حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا يتردى من رؤس شواهق الجبال فكلما أو في بذروة لكى يلقى نفسه منها تبدا له جبريل فقال يا محمد انك رسول الله حقا فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فاذا طالت عليه فترة الوحى غدا لمثل ذلك فاذا أوفي بذروة جبل تبداله جبريل فقال له مثل ذلك. ونقل القاضى مجد الدين في كتابه سفر السعادة أن جبريل أخرج له قطعة نمط من حرير مرصعة بالجواهر ووضعها في يده وقال اقرأ قال والله ما أنا بقاريء ولا أرى في هذه الرسالة كتابة قال فضمنى إليه وغطنى وذكر الحديث الى قوله ما لَمْ يَعْلَمْ ثم قال انزل عن الجبل فنزلت معه الى قرار الارض فأجلسنى على درنوك وعلىّ ثوبان أخضران
[مطلب في تعليم جبريل له عليه الصلاة والسلام الوضوء والصلاة]
ثم ضرب برجله الارض فنبعت عين ماء فتوضأ جبريل منها وتمضمض واستنشق وغسل كل عضو ثلاثا وأمر النبى صلى الله عليه وآله وسلم أن يفعل ذلك فقال أو مخرجي هم والموضع الدال على تحرك النفس ادخال الواو بعد ألف الاستفهام مع اختصاص الاخراج بالسؤال عنه وذلك ان الواو ترد الى الكلام المتقدم وتشعر المخاطب بان الاستفهام على جهة الانكار والتفجع لكلامه والتألم منه (وان) شرطية (يدركنى) مجزوم به (يومك) أي وقت خروجك زاد البخاري في التفسير حين ولابن اسحاق وان أدركت ذلك اليوم (انصرك) مجزوم بالجزاء (مؤزرا) بهمزة قد تسهل أي بالغا قويا من الازر وهو الشدة والقوة وأنكر الفراء أن يكون في اللغة مؤزرا من الازر وانما هو موزر من وازره أي عاونه. وقال السيوطي نقلا عن أبي شامة يحتمل أن يكون ذلك من الازار أشار بذلك الى تشميره في نصرته (ينشب) بفتح المعجمة أي يلبث وأصل النشوب التعلق فكانه لم يتعلق بشيء غير ما ذكر (وفتر الوحي) كانت مدة فترته ثلاث سنين كما نقله أحمد بن حنبل في تاريخه عن الشعبي وبه جزم ابن اسحاق. قال في الديباج وورد عن ابن عباس ان مدتها كانت أياما وعن الشعبي كانت سنتين ونصفا وبه حزم السهيلي انتهي ولا ينافيه ما مر اذ لعل ذلك على عادة العرب من تسمية البعض باسم الكل (بذروة) بكسر الذال وضمها ويجوز الفتح كما سبق نظيره وهى أعلاه (تبدا) بلا همز أى ظهر وهو بمعنى بدا (جأشه) بجيم فهمزة ساكنة فمعجمة أى قلبه (وتقر) بكسر القاف وفتحها (نفسه) بسكون الفاء (سفر السعادة) بكسر المهملة وسكون الفاء اسم الكتاب (نمط) بفتح النون والميم ثم مهملة والنمط نوع من البسط ولا يستعمل في غيره الا مقيدا (مرصعة) بالنصب صفة لقطعة والترصيع بالمهملة التحلية (على درنوك) بضم المهملة والنون بينهما راء ساكنة هو بساط ذو خمل يشبه الفروة