ذارحم محرم وفي وصف عائشة له ما خير بين أمرين الا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما فان كان إثما كان أبعد الناس منه. قال المبرد قسم كسرى أيامه فقال يصلح يوم الريح للنوم ويوم الغيم للصيد ويوم المطر للشرب واللهو ويوم الشمس للحوائج قال ابن خالويه ما كان أعرفهم بسياسة دنياهم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ولكن نبينا صلى الله عليه وسلم جزأ نهاره ثلاثة اجزاء جزأ لله وجزأ لاهله وجزأ لنفسه ثم جزأ جزءه بينه وبين الناس فكان يستعين بالخاصة على العامة ويقول ابلغونى حاجة من لا يستطيع ابلاغى فانه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع ابلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامة.
[فصل وأما وقاره صلى الله عليه وسلم وصمته وتؤدته ومروءته وحسن هديه]
(فصل) وأما وقاره صلى الله عليه وسلم وصمته وتؤدته ومروءته وحسن هديه فكان صلى الله عليه وسلم أوقر الناس في مجلسه لا يكاد يخرج شيئا من أطرافه مجلسه مجلس حلم وحياء وخير وامانة لا ترفع فيه الاصوات ولا تؤبن فيه الحرم واذا مشى مشى مجتمعا يعرف في مشيته والراء طبيعة وزنا ومعنى (ما خير بين أمرين الا اختار أيسرهما) قال عياض يحتمل ان يكون تخييره من الله تعالى فيخيره فيما فيه عقوبتان أو فيما بينه وبين الكفار من القتال وأخذ الجزية أو في حق أمته في المجاهدة في العبادة والاقتصاد فكان يختار الايسر في هذا كله واما قولها (ما لم يكن اثما) فانما يتصور اذا خيره الكفار والمنافقون أو يكون التخيير من الله او من المسلمين ويكون الاستثناء منقطعا (فايدة) أخرج الترمذي والحاكم عن عائشة انه صلى الله عليه وسلم قال ما خير عمار بين أمرين الا اختار أيسرهما قلت لعله يشير الى قصته التى وقعت له من الاكراه فانهم خيروه بين الكفر وبين أن يقتلوه فاختار الكفر ظاهرا وكان هو الايسر لانه سلم من القتل ومن الكفر (المبرد) بضم الميم وفتح الموحدة والراء المشددة ثم مهملة اسمه محمد بن يزيد (ابن خالويه) بالمعجمة وفيه ما مر أول الكتاب في يعطونه ونحوه (يستعين بالخاصة على العامة) قال ابن الاثير أى ان العامة لم تكن تقدر على الوصول اليه في هذا الوقت فكانت الخاصة تخبر العامة بما سمعت منه فكأنه أوصل الفوائد الى العامة بالخاصة (ويقول أبلغوني حاجة من لا يستطيع ابلاغي الى آخره) أخرجه الطبراني بسند حسن عن أبي الدرداء بلفظ أبلغوا حاجة من لا يستطيع ابلاغ حاجته (ثبت الله قدميه) زاد الطبراني على الصراط (يوم القيامة) فيه عظيم فضل معاونة المؤمن وموازرته ولو بنحو ما ذكر. (فصل) في وقاره (كان أوقر الناس في مجلسه الى آخره) أخرجه أبو داود في مراسيله عن خارجة ابن زيد (ولا تؤبن) بضم الفوقية وسكون الهمزة وفتح الموحدة ثم نون قال الجوهري فلان يؤبن بكذا أى يذكر بقبيح وفي مجلسه صلى الله عليه وسلم لا يؤبن فيه الحرم أى لا تذكر بسوء انتهى وكذا فسره عياض في الشفاء فما ذكر بعض شراحه أنه بالمثلثة والزاى من الاثر وهو الرمي أو بالموحدة والراء من أبرته العقرب أي لدغته بابرتها وان كان صحيحا في المعني فليس في الرواية زاد عياض بعد هذا ولا تثني فلتاته وهو بالنون