للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزفراته تتردد في صدره وغصصه تتصاعد* وروي ان ابا بكر لما فرغ يومئذ من خطبته التفت الى عمر وقال له اما علمت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم كذا كذا وكذا فقال عمر أشهد ان الكتاب كما نزل وان الحديث كما حدث وان الله تبارك وتعالى حي لا يموت إنا لله وانا اليه راجعون وقال فيما كان منه:

لعمري لقد أيقنت أنك ميت ... ولكن ما ابدى الذي قلته الجزع

وقلت يغيب الوحي عنا لفقده ... كما غاب موسى ثم ترجع كما رجع

وكان هواي ان تطول حياته ... وليس لحي في بقا ميّت طمع

[فصل في تغير الحال بعد موته صلى الله عليه وسلّم]

(فصل) في تغير الحال بعد موته صلى الله عليه وسلم قال انس لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة اضاء منها كل شيء فلما كان اليوم الذي مات فيه اظلم منها كل شيء وما نفضنا ايدينا عن التراب وانا لفي دفنه حتى انكرنا قلوبنا رواه الترمذي في الشمائل وابن ماجه في السنن وروي ابن ماجه ايضا عن عمر قال كنا نتقي الكلام والانبساط الى نسائنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مخافة أن ينزل فينا القرآن فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمنا وأسند أيضا عن أم سلمة ما معناه قالت كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قام المصلون لم يعد بصر أحدهم موضع قدميه فلما كان أبو بكر لم يعد بصر أحدهم موضع جبهته فلما كان عمر لم يعد بصر أحدهم موضع القبلة فلما كان عثمان أو كانت الفتنة التفت الناس شمالا ويمينا* وروينا في صحيح مسلم عن أنس قال قال أبو بكر بعد وفات رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر انطلق بنا الى أم أيمن نزورها كما (وزفراته) جمع زفرة وهى ما يسمع من جوف الباكى من الازيز (وغصصه) جمع غصة وهى ما يعرض للباكى من حلقه من الشجا (يتصاعد) يتعالى ويرتفع (وروي) في كتب السير (قال يوم كذا كذا وكذا) أي كل ما يدل على موته صلى الله عليه وسلم فكيف تحلف انه ما مات (أشهد أن الكتاب) يعنى القرآن (كما نزل) أراد قوله أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ وقوله إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (كما حدث) مبني للفاعل يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم (الجزع) بالوقف وكذا ما بعده (كما غاب موسى) يوم خر صعقا (ثم ترجع) بسكون العين لضرورة الشعر (هواى) أى مقصودي (في بقا) بالقصر لضرورة الشعر «فصل» في تغير الحال بعد موته صلى الله عليه وسلم (وما نفضنا) بالفاء والمعجمة (انكرنا قلوبنا) أي لم نرلنا قلوبا لما غشينا من الهم (أن ينزل) مبني للفاعل والمفعول (لم يعد) بفتح أوله وسكون ثانيه أي لم يتعد ولم يتجاوز (موضع) بكسر الضاد (فلما كان) تامة وكذا كان عمر وكان عثمان وكانت الفتنة (انطلق بنا الى أم أيمن نزورها كما

<<  <  ج: ص:  >  >>