فيه فأحمدك وأثنى عليك. وعنها قالت ان كنا آل محمد لنمكث شهرا ما نستوقد نارا ان هو الا التمر والماء. وعنها قالت لم يمتل جوف النبي صلى الله عليه وسلم شبعا قط ولم يبث الى أحد شكوى وكانت الفاقة أحب اليه من الغنى وان كان ليظل جائعا يلتوي طول ليلته من الجوع فلا يمنعه من صيام يوم ولو شاء سأل ربه جميع كنوز الارض وثمارها ورغد عيشها ولقد كنت أبكى له رحمة مما أرى به وأمسح بيدي على بطنه مما به من الجوع وأقول نفسى لك الفداء لو تبلغت من الدنيا بما يقوتك فيقول يا عائشة مالى وللدنيا اخوانى أولوا العزم من الرسل صبروا على ما هو أشد من هذا فمضوا على حالهم فقدموا على ربهم وأكرم مآبهم وأجزل ثوابهم وأجدنى أستحى ان ترفهت في معيشتى ان يقصرنى غدا دونهم وما من شيء هو أحب الى من اللحوق باخوانى واخلائى قالت فما أقام بعد الاشهرا ثم توفي صلى الله عليه وسلم.
[فصل وأما خوفه صلى الله عليه وسلم لربه وطاعته له وشدة عبادته فعلى قدر علمه به]
(فصل) وأما خوفه صلى الله عليه وسلم لربه وطاعته له وشدة عبادته فعلى قدر علمه به ولذلك قال فيما رواه أبو هريرة رضى الله عنه لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا زاد في رواية أبى ذر رضي الله عنه انى أرى ما لا ترون واسمع ما لا تسمعون أطت السماء عن عائشة مرفوعا وأخرجه البيهقي في الشعب أيضا عن ابن مسعود موقوفا (آل محمد) اختصاص (ان هو) أي ما هو أي مأكولنا الذى نأكله (لم يبث) بالموحدة (الفاقة) بالرفع وهي الحاجة (أحب) بالنصب (الغنى) بكسر المعجمة مقصور (وثمارها) بالنصب عطفا على جميعها وبالجر عطفا على كنوز (ورغد) بفتح المعجمة (يقوتك) بضم أوله وفتح القاف وكسر الواو والمشدد (مآبهم) بمد الهمزة وبالموحدة مرجعهم (أن يقصر) بالبناء للمفعول (هو أحب) بالنصب والرفع.
(فصل) في بيان خوفه (فيما روي أبو هريرة عنه) وأخرجه عنه البخاري وغيره وأخرجه أيضا أحمد والشيخان والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أنس (لو تعلمون ما أعلم لضحتكم قليلا ولبكيتم كثيرا) أي لازددتم خوفا من الله عز وجل ولكان حالكم ما ذكر لان خوف المرء على قدر علمه بربه جل وعلا قال تعالى إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ وأنشد بعضهم:
على قدر علم المرء يعظم خوفه ... فلا عالم الا من الله خائف
فآمن مكر الله بالله جاهل ... وخائف مكر الله بالله عارف
(زاد في رواية أبي ذر) عند الترمذي (اني أرى ما لا ترون) يعني مواقع الفتن (وأسمع ما لا تسمعون) يعنى قوله (أطت السماء الى آخره) وهو بفتح الهمزة والمهملة المشددة ثم فوقية قال ابن الاثير أطيط الاقتاب وأطيط الابل أصواتها وحنينها أي ان كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلها حتى أطت وهذا على