لذلك ناداه ملك الجبال وسأله ان يطبق عليهم الاخشبين فأبى صلى الله عليه وسلم وقال أرجو ان يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيأ وقال ابن مسعود كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا.
[فصل وأما خلقه صلى الله عليه وسلم في الوفاء وحسن العهد وصلة الرحم]
(فصل) وأما خلقه صلى الله عليه وسلم في الوفاء وحسن العهد وصلة الرحم فقد حاز السبق فيها وأبرز خافيها حتى ورد في الصحاح انه كان يكرم صدائق خديجة ويصلهم ويرتاح لهم فسئل عن ذلك فقال ان حسن العهد من الايمان. ومن ذلك فعله صلى الله عليه وسلم بأمه وأخته من الرضاعة كما سبق في غزوة حنين وأعتق بسببهم ستة آلاف رأس ومنه ما روي عن عبد الله بن أبى الحمساء قال بايعت النبي صلى الله عليه وسلم ببيع قبل ان يبعث وبقيت له بقية فوعدته ان آتيه بها في مكانه فنسيت ثم ذكرت بعد ثلاث فاذا هو في مكانه فقال يافتى لقد شققت على انا هنا منذ ثلاث انتظرك ولقد صدقت فراسة خديجة فيه حيث قالت في ابتداء الوحى ابشر فو الله لا يخزيك الله أبدا انك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق.
الشيخان وغيرهما وقد مر في صدر الكتاب (وقال ابن مسعود) أخرجه عنه البخارى وغيره (يتخولنا) بالمعجمة وتشديد الواو ثم لام أى يتعهدنا وقال أبو عمرو بن العلاء الصواب ينحو بنا بالنون ومعناه يتعهدنا وقال أبو عمرو الشيباني الصواب يتحولنا بالمهملة واللام أي يتطلب أحوالنا التي يبسط فيها للموعظة والصواب من حيث الرواية كما قاله الحافظ ابن حجر في الاول وقد صح المعني فيه (مخافة) كذا في موضع من صحيح البخاري وفي آخر كراهة وزعم في التوشيح انه من تصرف الرواة (السآمة) بالمهملة على وزن المخافة وهى الفتور والملال (علينا) هو ظاهر على رواية مخافة وكذا على رواية كراهة اذهى بمعنى مخافة.
(فصل) في بيان خلقه (السبق) بفتح المهملة وسكون الموحدة مصدر سبق يسبق سبقا وأما بفتح الموحدة فهو المال المبذول في السبق (وابرز) أى أظهر (خافيها) ياؤه في الاصل مفتوحة لانه مفعول ويجوز أن تسكن لمجاورة فيها (وورد في) الاحاديث (الصحاح) في الصحيحين وغيرهما عن عائشة (ويرتاح) أي يستأنس (حسن العهد من الايمان) أخرجه الحاكم عن عائشة (ومنه ما روي) في سنن أبي داوود وغيرها (ابن أبي الحمساء) بفتح المهملة وسكون الميم ثم مهملة مع المد ووقع في بعض النسخ الشفاء الخنساء بالمعجمة والنون قال الشمنى وهو تصحيف وفي بعضها عن أبي الحمساء وهو غلط اذ ابو الحمساء لم يسلم (فراسة) بكسر الفاء والمهملة وهو النظر بالفعل والتدبر به وربّما كانت فيه زيادة قوة بحسب صفاء القلب وكدورته فيصل بسبب التفرس شيء يقع في القلب تسميه أهل الطريقة مكاشفة وفي الحديث اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله أخرجه البخاري في التاريخ والترمذى عن أبى سعيد وأخرج الحكيم وسيبويه