للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يدع أحدا منهم يمشى معه وهو راكب حتى يحمله فان أبى قال له تقدمني الى المكان الذى يريد وركب صلى الله عليه وسلم حمارا عريا الى قبا وأرادان يردف خلفه أبا هريرة فاستمسك برسول الله صلى الله عليه وسلم فوقعا جميعا ثم أراد ان يركب ثانية فاستمسك برسول الله صلى الله عليه وسلم فوقعا جميعا ثم عرض عليه الثالثة فقال لا والذي بعثك بالحق لا صرعتك ثالثا. وكان صلى الله عليه وسلم يكرم الداخل عليه وربما بسط له ثوبه وآثره بالوسادة وكان صلى الله عليه وسلم لا يجلس اليه أحد وهو يصلى إلا خفف صلاته وسأل عن حاجته وكان له صلى الله عليه وسلم خدم وعبيد واماء فكان لا يترفع عليهم في مأكل ولا ملبس ويخدم من خدمه* قال أنس خدمته نخوا من عشر سنين فكانت خدمته لى أكثر من خدمتى له وأمر صلى الله عليه وسلم في بعض الاسفار باصلاح شاة فقال رجل على ذبحها وقال آخر على سلخها فقال صلى الله عليه وسلم وعلى جمع الحطب فقالوا نحن نكفيك فقال قد علمت انكم تكفونى ولكنى أكره ان أتميز عليكم ثم قام وجمع الحطب وذهب مرة ليعقل ناقته فقالوا نحن نكفيك فقال لأن يستغنى أحدكم من الناس ولو في قضمة من سواك. وأما أدب أصحابه معه صلى الله عليه وسلم فسبق في حديث صلح الحديبية قول عروة بن مسعود لقريش أي قوم لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر والنجاشى وكسرى والله ان رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد والله ان تنخم نخامة الا وقعت في كف رجل الا ذلك بها وجهه وجلده فاذا أمرهم ابتدروا أمره واذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه واذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون اليه النظر تعظيما له.

[فصل وأما شفقته ورأفته ورحمته بجميع الخلق]

(فصل) وأما شفقته ورأفته ورحمته بجميع الخلق فقال تعالى لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وقال وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ فمن شفقته صلى الله عليه وسلم تألفه العرب ورؤساء القبائل بالعطايا حتى كان (ولو في قضمة) بفتح القاف وسكون المعجمة والجواب محذوف أى لكان خيرا له.

(فصل) في بيان شفقته ورحمته ورأفته (لقد جاءكم رسول) هو محمد صلى الله عليه وسلم (من أنفسكم) تعرفون حسبه ونسبه وقال السدى من العرب من بنى اسماعيل وقد مر أول الكتاب انه قرئ بفتح الفاء (عزيز عليه) أي شديد وعظيم (ما عنتم) قيل ما صلة أى عنتكم وهو دخول المشقة عليكم والمضرة لكم وقال القتبي ما أعنتكم وقال ابن عباس ما ضللتم وقال الكبى ما اثمتم (حريص عليكم) أى على هدايتكم وصلاحكم أو على ضالكم ان يهديه الله (بالمؤمنين رؤف رحيم) قيل رؤف بالمطيعين رحيم بالمذنبين (كان

<<  <  ج: ص:  >  >>