التحم القتال فيصلي كل منهم على حسب حاله كيف أمكنه رجالا وركبانا مستقبلي القبلة ومستدبريها مع الكر والفر والضرب المتتابع* قال علماؤنا رحمهم الله وله ذلك في كل قتال مباح للفرار من أمر يخافه على روحه
[تتمة في الكلام علي تارك الصلاة]
(قال المؤلف) غفر الله زلته وأقال عثرته ففى هذا أدل دليل على أن الصلاة لا رخصة في تركها ولا تحويلها عن وقتها الموقت لها إذ لو كان ذلك لكان هؤلاء المجاهدون لعدو الاسلام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحق بذلك وبهذا تميزت عن سائر العبادات اذ كلها تسقط بالاعذار ويترخص فيها بالرخص وتدخلها النيابات ولا يحل القتل في ترك شئ منها وتارك الصلاة كسلا يقتل حدا ولا يحقن دمه اسلامه ثم ان وجوبها منوط بالعقل لا بالقدرة في صلاة الخوف بحيث يبلغ مجموعها ستة عشر وجها وذكر ابن القصاب المالكي ان النبي صلى الله عليه وسلم صلاها في عشرة مواطن انتهي قال في التوشيح وقال العراقى أصحها سبعة عشر وقال ابن القيم أصولها ست صفات وبلغها بعضهم أكثر وهؤلاء كلما رأوا اختلاف الرواة في قصة جعلوا ذلك وجها من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وانما هو من اختلاف الرواة قال ابن حجر والامر كما قال وقال الخطابي صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في أيام مختلفة باشكال متباينة يتحرى منها ما هو الاحوط للصلاة والا بلغ للحراسة فهى على اختلاف صورها متفقة المعنى قال ابن حجر ولم يقع في شيء من الاحاديث المروية في صلاة الخوف تعرض لكيفية المغرب (التحم) أي نشب بعضهم في بعض ولم يجدوا مخلصا (فيصلي كل منهم على حسب) أي على قدر (حاله كيف أمكنه رجالا وركبانا) قال تعالى فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً (مستقبلي القبلة ومستدبريها) كما قاله ابن عمر في تفسير الآية قال نافع لا أراه الا مرفوعا أخرجه البخاري بل قال الشافعي ان ابن عمر رواه عن النبى صلى الله عليه وسلم (فى كل قتال مباح) خرج به العاصي بالقتال كالبغاة فلا يصلونها كذلك لان الرخص لا تناط بالمعاصى (يخافه على روحه) أو غيرها من اعضائه كسيل ونار وسبع وغريم وهو معسر ولم يكن له بينة ولم يصدقه (وتارك الصلاة كسلا يقتل حدا) لقوله تعالى فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وقال صلى الله عليه وسلم أمرت ان أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله فاذا فعلوا ذلك فقد عصموا منى دماءهم وأموالهم الا بحق الاسلام وحسابهم على الله أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائي والترمذى وابن ماجه من حديث أبي هريرة وقال السيوطي وهو متواتر والدليل على عدم كفره بمجرد الترك قوله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيأ كان له عند الله عهد ان يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد ان شاء عذبه وان شاء أدخله الجنة وفي رواية ان شاء الله غفر له وان شاء عذبه أخرجه مالك وأحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان وصححه هو وغيره والحاكم والبيهقي في السنن من حديث عبادة بن الصامت وجه الدلالة انه لو كفر لم يدخل تحت المشيئة (ولا يحقن دمه) مفعول (اسلامه) فاعل (منوط) أي معلق (بالعقل) سمي به لانه يعقل صاحبه