للمسلمين في غزوة الاسلام وأوّل قتال الملائكة عليهم أفضل الصلاة والسلام وفض عناد قلوب المشركين صدمتها حتى ورد في صحيح البخاري انه لم يظهر عبد الله بن أبى ومن معه من المنافقين الاسلام تقية الا بعدها وتظاهرت نصوص الكتاب والسنة على فضلها وعظم موقعها وفضل شاهديها ومزاياهم على بقية الصحابة والله أعلم.
[مطلب فى خبر حاطب بن أبي بلتعة ومكاتبة لمشركي قريش]
من ذلك قصة حاطب بن أبى بلتعة حيث كتب الى أهل مكة ينذرهم بمسير النبى صلى الله عليه وآله وسلم عام الفتح فاستأذن عمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ضرب عنقه فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم أليس هو من أهل بدر لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة أو فقد غفرت لكم فدمعت عين عمر وقال الله ورسوله أعلم. وعن أنس قال أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام فجاءت أمه الى النبى صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله قد عرفت (وأوّل قتال الملائكة عليهم الصلاة والسلام) قال السبكى سئلت عن الحكمة في قتال الملائكة مع النبى صلى الله عليه وآله وسلم مع ان جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه فقلت وقع ذلك لارادة أن يكون الفعل للنبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه ويكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيوش رعاية لصورة الاسباب التي أجراها الله في عباده والله تعالى فاعل الجميع (وفض) بالفاء والمعجمة أى كسر (قلوب) مفعول (صدمتها) فاعل (تقية) بفتح الفوقية وكسر القاف وتشديد التحتية أى خوفا (قصة حاطب) بالمهملتين (ابن أبى بلتعة) بفتح الموحدة والفوقية والمهملة واسكان اللام. قال ابن عبد البر واسم أبي بلتعة عمرو بن راشد بن معاذ اللخمى وكان حاطب حليفا لقريش ويقال انه من مذحج وقيل هو حليف الزبير بن العوام وقيل بل كان عبدا لعبد الله بن جميل شهد بدرا والحديبية مات سنة ثلاثين بالمدينة وهو ابن خمس وستين سنة وصلى عليه عثمان (حيث كتب الي أهل مكة) ستأتي قصته ان شاء الله تعالى (لعل) حرف ترج وهو هنا واجب وللحاكم من حديث أبى هريرة ان الله اطلع (اعملوا ما شئتم) فقد سبقت لكم العناية ومن سبقت له العناية لا تضره الجناية فبشرهم بحسن الخاتمة وكان الامر كذلك فلم يمت أحد منهم بحمد الله الا على أعمال أهل الجنة تحقيقا لقوله (فقد وجبت لكم الجنة) وقد ثبت أنه لم يشهدها الا مؤمن كما أنه لم يجاوز النهر مع طالوت الا مؤمن (فقد غفرت لكم) قال العلماء معناه الغفران لهم في الآخرة والا فلو توجه على أحد منهم حد أقيم عليه في الدنيا كما نقل عياض الاجماع عليه وضرب النبى صلى الله عليه وآله وسلم مسطحا الحد وكان بدريا وأقامه عمر أيضا على بعضهم (فدمعت عينا عمر) يحتمل أن يكون ذلك فرحا وأن يكون ذلك حزنا على مبادرته (حارثة) بالمهملة والمثلثة هو ابن سراقة الانصاري استشهد يوم حنين كما سيأتي (وهو غلام) ليس المراد أنه صبي بل العرب تطلق لفظ الغلام على غيره توسعا (أمه) هى الربيع بالتصغير بنت النضر بن أنس بن مالك وأخت أنس بن النضر (قد عرفت) بتاء الخطاب