قد مات على القبلة الأولى ناس من المسلمين فسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن حالهم فى صلاتهم تلك فنزل قوله تعالى وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ اى في صلاتكم ان الله بالناس لرؤف رحيم*
[مطلب في مشروعية صيام رمضان]
وفي شعبان منها أيضا فرض الله رمضان قيل كان الواجب قبله صيام ثلاثة أيام في كل شهر وصوم عاشوراء ثم نسخ ذلك برمضان فأنزل الله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ الى قوله فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا ثم نزلت العزيمة في الصوم بقوله فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فأوجبه الله على الصحيح المقيم وثبتت الرخصة في الاطعام للكبير العاجز وكان في ابتداء الأمر اذا أفطروا عند المغرب حل لهم كل شئ ما لم يصلوا العشاء أو يرقدوا قبلها فاذا صلوا أو رقدوا قبلها حرم عليهم كل شئ الى الليلة القابلة فشق ذلك عليهم ووقع جماعة منهم في المحظور منهم عمر بن الخطاب فنزل الترخيص في ذلك بقوله تعالى أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ الآية فأحل الله لهم ما كان حرم عليهم وتاب عليهم وعفى عما سلف منهم قال ابن عباس رضى الله عنهما أوّل ما نسخ بعد الهجرة أمر القبلة والصوم وقال الشيخ أبو القاسم هبة الله بن سلامة في كتابه الناسخ والمنسوخ اعلم ان اول النسخ في الشريعة أمر الصلاة ثم أمر القبلة ثم الصيام ثم الزكاة ثم الاعراض عن المشركين ثم الأمر بجهادهم ثم اعلام الله نبيه ما يفعل به ثم أمره تعالى بقتال المشركين ثم امره بقتال اهل الكتاب حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ ثم ما كان عليه اهل العقود من الموارثة فنسخ بقوله تعالى وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ثم هدم منازل الجاهلية وان لا يخالطوا المسلمين في حجهم ثم نسخت المعاهدة التي كانت بينه وبينهم بالاربعة الاشهر بعد يوم النحر قال فهذا أكمل الترتيب ونزول المنسوخ بمكة كثير وأكثر الناسخ مدني والله أعلم*
[مطلب في بنائه صلى الله عليه وسلم بعائشة وتزويج علي بفاطمة رضى الله عنهم ومشروعية صدقة الفطر]
وفي شوال منها دخل صلى الله عليه الآية (وفي) شهر (شعبان) أي على رأس ثمانية عشر شهرا من مقدمة المدينة عليه الصلاة والسلام (فرض الله) صوم (رمضان) روى الواقدي عن عائشة وابن عمر وأبى سعيد الخدري قالوا نزل فرض شهر رمضان بعد ما حولت القبلة الى الكعبة بشهر في شعبان (في المحظور) أي من مباشرة النساء (أبو القاسم هبة الله بن سلامة) أحد أعلام المائة الخامسة المفسر الفقيه الشافعى وكتابه هذا من أجمع الكتب على اختصاره مشهور متداول (وأكثر الناسخ مدني) لانها دار قرار الاسلام وبها استجمع للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أمره فاقتضت الحكمة الالهية أن ينسخ ما ينسح ويثبت ما يثبت (وفي شوال منها)