جميلة وختم الله له بالشهادة فمات حميدا شهيدا فقيدا رضي الله عنه*
[مطلب في الكلام على مشروعية تحريم الخمر وسبب ذلك]
قال اهل التواريخ وحرمت الخمر بعد الاحزاب بأيام وقيل بعد أحد وكان تحريمها على التدريج قيل والحكمة فيها انها قد كانت من افضل معايشهم وأشربتها قلوبهم فلو فجئهم تحريمها والعزيمة فى تركها دفعة واحدة لاستعظموه فنزل اولا بمكة ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ثم نزل بالمدينة جوابا لمن سأل عنها ويسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس فمنهم من شربها بعد ذلك ومنهم من تركها ثم صنع عبد الرحمن ابن عوف طعاما ودعا رجالا وسقاهم الخمر وحضرت الصلاة وصلى بهم احدهم بقل يا أيها الكافرون أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة من سندس وكان ينهى عن الحرير فعجب الناس منها وفي رواية ثوب حرير فجعلنا نلمسه ونتعجب منه فقال والذي نفس محمد بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير من هذا ومنها ما أخرجه الترمذي عن أنس قال لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون ما أخف ما كانت يعنون لحكمه في بني قريظة فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان الملائكة كانت تحمله (فقيدا) أى لا أهل له (قال أهل التواريخ الخمر) أسماؤها كثيرة منها المدام والقهوة والراح والرحيق والسلاف والخندريس والعقار والاسفنط والمقذية والصهباء (على التدريج) أي قليلا قليلا (فجئهم) بكسر الجيم ثم همزة مفتوحة بغتهم (ومن ثمرات النخيل والاعناب) أى ولكم أيضا عبرة فيما نسقيكم ونرزقكم من ثمرات النخيل والاعناب (تتخذون منه) الكناية عائدة الى ما محذوفة أى ما يتخذون منه (سكرا) قال قوم منهم ابن مسعود وابن عمر هو الخمر وكان ذلك قبل تحريمها وقيل السكر ما يشرب وعن ابن عباس هو الخل بلغة الحبشة وقيل هو النبيذ المسكر وهو قول من يبيح شرب النبيذ ومن حرمه قال المراد الاحبار لا الاحلال (ورزقا حسنا) قيل هو الخل والدن والتمر والزبيب وقيل ما أكل منه وقيل هو ما أحل والسكر ما حرم (جوابا لمن سأل) وكان من السائلين عمر ومعاذ ونفر من الانصار قالوا يا رسول الله افتنا في الخمر والميسر فانهما مذهبة للعقل مسلبة للمال فانزل الله عز وجل يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وهو شرعا اسم لكل مسكر (والميسر) وهو القمار قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ زاد البغوي فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى تقدم في تحريم الخمر (ثم صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما الى آخره) أخرجه أبو داود والترمذي وصححه من حديث على (وحضرت الصلاة) أي صلاة المغرب كما في سنن أبى داود (فصلى بهم أحدهم) هو سيدنا على رضى الله عنه كما فيهما قال صنع لنا ابن عوف طعاما فدعانا فأكلنا واسقانا خمرا قبل ان تحرم الخمر فاخذت منى وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ اعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون فخلطت فنزلت لا تقربوا الصلاة وأنتم سكاري حتى تعلموا ما تقولون وعند أبي داود ان رجلا من الانصار دعاه عبد الرحمن بن عوف وفيه فأتاهم على رضى الله عنه فامهم وذكر الحديث