فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ وهذه الآية من اعاجيب القرآن لأنها نسخت من القرآن مائة واربعا وعشرين آية ثم نسخت بقوله تعالى وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ*
[السنة العاشرة وفيها كان إسلام أبي عبد الله جرير البجلي سيد بجيلة]
السنة العاشرة في رمضان منها تعالي حرم فيها على المؤمنين دماء أهل الشرك والتعرض لهم (فاقتلوا المشركين) أي الكفار (حيث وجدتموهم) أي ولو في الحرم (وخذوهم واحصروهم) أى احبسوهم وقال ابن عباس يريد ان تحصنوا فاحصروهم أى امنعوهم الخروج وقيل امنعوهم دخول مكة والتصرف في بلاد الاسلام (واقعدوا لهم كل مرصد) أي على كل طريق (وان أحد من المشركين) الذين أمرت بقتلهم (استجارك) أي استأمنك بعد انسلاخ الاشهر الحرم (فاجره) فاعذه وأمنه (حتى يسمع كلام الله) فيما له وعليه من الثواب والعقاب (ثم ابلغه مأمنه) أى المحل الذى يأمن فيه وهو دار قومه ثم ان قاتلك بعد وقدرت عليه فاقتله* السنة العاشرة (ذكر اسلام جرير) بن عبد الله (في رمضان منها) كما جزم به ابن حبان والبغوي وأكثر الحفاظ المتأخرين وغلط الطحاوى ابن عبد البر وغيره ممن قال ان اسلامه قبل موت النبى صلى الله عليه وسلم باربعين يوما لما في الصحيحين وغيرهما عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع استنصت لى الناس نعم يؤيد ما قاله ابن عبد البر ما روي عن جرير قال ما كان اسلامي الا بعد نزول المائدة وقد علم ان قوله تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ انما نزلت بعرفات في حجة الوداع وهى من جملة آياتها والجواب عنه انه أراد بعد نزول معظمها وكان قبل حجة الوداع ومن ذلك آية الوضوء منها وهي نزلت قبل غزوة تبوك بزمن طويل فان قيل قد روي الطبرانى في الاوسط والكبير بسند صحيح غريب عن جرير رضى الله عنه قال لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أتيته فقال لى يا جرير لاى شيء جئتنا قلت لاسلم على يديك يا رسول الله فالقي لى كساه ثم أقبل على أصحابه فقال اذا أتاكم كريم قوم فاكرموه وهذا يدل على ان مجيء جرير كان في أول البعثة فالجواب ان جريرا لم يرد بقوله لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أتيته انه أتي بعد البعثة فورا والا للزم من ذلك انه أسلم بمكة ولا قائل به ومما يقوى هذا ما في تتمة الحديث في المعجم الكبير فدعانى الى شهادة أن لا اله الا الله وانى رسول الله وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتؤمن بالقدر خيره وشره وذلك لان الصلاة المكتوبة انما فرضت ليلة الاسراء وهو بعد البعثة بمدة كما مر والزكاة انما فرضت بالمدينة بلا توقف فحينئذ هذا اللفظ متروك الظاهر فلا يستدل به علي قدم اسلام جرير فان قيل ففي معجم ابن نافع من حديث شريك عن أبي اسحق عن الشعبي عن جرير قال لمانعى النجاشى قال النبي صلي الله عليه وسلم ان أخاكم النجاشى هلك فاستغفروا له فهذا يدل على تقدم اسلام جرير عن رمضان لان وفاة النجاشى كانت في رجب سنة تسع كما مر فالجواب انه ليس في حديث جرير انه كان مسلما يومئذ لجواز أن يكون حديثه من مراسيل الصحابة وأما ما رواه الطبري عن جرير قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في أثر العرنيين الدال لتقدم اسلام جرير لان قصة العرنيين كانت سنة ست أو تسع فجوابه ان سند هذا