[فصل وسميت المعجزة معجزة لعجز الخلق عن الإتيان بمثلها]
(فصل) وسميت المعجزة معجزة لعجز الخلق عن الاتيان بمثلها وهى نوعان نوع في مقدور البشر فعجزوا عنه وتعجيز الله لهم عنه دال على صدق نبيه كصرفهم عن تمني الموت وعن الاتيان بمثل القرآن على رأي من رأى انه كان في مقدورهم وان الله صرفهم عنه.
النوع الثانى خارج عن قدرتهم كاحياء الموتى وقلب العصى حية واخراج ناقة من صخرة وغيرهما مما لا يمكن ان يفعله أحد الا الله فيتحدي النبي صلى الله عليه وسلم من يكذبه ان يأتى بمثله تعجيزا له وقد كانت معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم من النوعين معا وهى بكثرتها لا يحيط بها ضبط فان واحدا منها وهو القرآن لا يحصي عدد معجزاته بألف ولا بألفين ولا أكثر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد تحداهم بسورة منه فعجزوا واقصر السور انا أعطيناك الكوثر فكل آية أو آيات منه بعددها وقدرها معجزة ثم فيها نفسها معجزات ثم معجزاته صلى الله عليه وسلم على قسمين قسم منها قطعي كالقرآن فلا مرية فيه ولا خلاف بمجىء النبي به وظهوره من قبله وانكار معانديه كانكار وجود محمد في الدنيا ثم انه قد علم على الجملة ضرورة انه صلى الله عليه وسلم جرى على يديه جمل من الآيات وخوارق العادات كما يعلم ضرورة جود حاتم وشجاعة عنترة وحلم أحنف وان كان تفاصيل أخبارهم لا يبلغ هذا المبلغ وقسم آخر (فصل) في تسمية المعجزة (واخراج ناقة من صخرة وغيرها) ككلام الشجر ونبع الماء وانشقاق القمر (جود حاتم) هو ابن عبد الله الطائى والدعدي الصحابى هلك على كفره وبه ضربت الامثال في الجود وكان اذا اشتد البرد أمر غلامه يسارا فاوقد نارا في بقاع من الارض ليهتدي بها من ضل عن الطريق فيعمد نحوها ومن قوله في ذلك
أو قد فان الليل ليل قر ... والريح يا واقد ريح صر
على بدا نارك من يمر ... ان أجلبت ضيفا فانت حر
قالوا ولم يكن حاتم يمسك شيئا ما عدا فرسه وسلاحه فانه كان لا يجود بهما واخباره في الجود أكثر من أن يحاط بها (وشجاعة عنترة) بتقديم النون على التاء الفوقية هو ابن معاوية بن شداد العبسى بالموحدة فالمهملة كان شديد السواد وأمه اسمها زبيبة كانت أمة سوداء لابيه وكان عنترة من أشهر فرسان العرب وأشدهم بأسا وكان يقال له عنترة الفوارس (وحلم أحنف) هو ابن قيس أبو بحر واسمه الضحاك وقيل صخر بن قيس بن معاوية بن حصين بن حفص بن عبادة بن النوال بن مرة بن عبيد بن مقاعس بن عمر بن كعب بن زيد مناة بن تميم دار وهو أحنف والاحنف الاعرج والحنف الاعوجاج في الرجل وهو اقبال احدي الابهامين من احدي الرجلين على الاخري وقيل الذي يمشي على ظهر قدميه من شقها الذي يلى