أبو بكر أبيا وأخذ الخطر من ورثته وجاء به الى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فقال له تصدق به* وفي التاسعة خرج صلى الله تعالى عليه وآله وسلم هو وأهله من حصار الشعب ونقضت الصحيفة بتمالئ النفر الخمسة على نقضها حسبما تقدم.
[الكلام على وفات عمه أبى طالب والسيدة خديجة وحزنه صلى الله عليه وسلم لذلك وما ناله من أذى قريش عقب ذلك]
ولثمانية أشهر واحد عشر يوما من العاشرة مات عمه أبو طالب فاشتد حزنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عليه ثم ماتت خديجة رضي الله عنها بعده ثلاثة أيام فتضاعف حزنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وكان الله له خلفا عنهما وعن كل أحد وثبت في الصحيحين من رواية سعيد بن المسيب عن ابيه من حصار الشعب (بتمالئ) بفتح الفوقية وتخفيف الميم وكسر اللام وهو التعاون بالشيء والتشاور فيه قبل فعله (النفر) هم عدة رجال من ثلاثة الى عشرة كما مر عن الجوهري (حسبما تقدم) بفتح السين أشهر من سكونها أي على قدره كما مر. ذكر موت أبي طالب وخديجة (مات عمه أبو طالب) كان موته في أوّل ذي القعدة أو النصف من شوال قولان وعمر بضعا وثمانين سنة (ثم ماتت خديجة بعده بثلاثة أيام) أو شهر أو شهر وخمسة أيام أو خمسين يوما أقوال. قال ابن الاثير ودفنت بالحجون ولم يصل عليها لان صلاة الجنائز كانت لم تشرع يومئذ وقيل ماتت قبل أبي طالب وكان عمرها خمسا وستين سنة وأقامت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما تزوجها أربعا وعشرين سنة وستة أشهر وكان موتها قبل الهجرة بثلاث سنين وثلاثة أشهر ونصف. وقيل قبل الهجرة بسنة وقال عروة ما ماتت الا بعد الاسراء وبعد ان صلت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم (فاشتد حزنه) بفتح المهملة والزاي وبضم المهملة وسكون الزاي لغتان مشهورتان (سعيد بن المسيب) بفتح التحتية عن العراقيين وهو المشهور وبكسرها عن المدنيين قال ابن قرقول قال الصيدلاني دكر لنا ان سعيدا كان يكره أن يفتح الياء من اسم أبيه وأما غير والد سعيد فبفتح الياء بلا خلاف انتهى وهو سعيد بن المسيب بن حزن بن وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب والده وجده صحابيان أسلما يوم الفتح ولد سعيد لسنتين مضتا من خلافة عمر وقيل لاربع وكان يقال له سيد التابعين. قال بعضهم ان مراسيله حجة مطلقا لانها فتشت فوجدت مسندة. قال البيهقي والخطيب وغيرهما وليس كما قال فانه وجد فيها ما ليس بمسند وعلى الاول فقد نظر ابن الصلاح في القليل بانها فتشت فوجدت مسانيد بانها اذا ظهرت مسندة كان الاحتجاج بالمسند لا بالمرسل قال والتحقيق ان مراسيل سعيد كغيره وانما قال الشافعي ارسال سعيد عندنا حسن ولا يلزم من هذا ان يكون حجة وانما استحسنها لان سعيدا قل ما يرسل الا عن أبي هريرة فانه صهره فانه يرسل عمن لو سماه كان مقبولا. قال واستقراء مذهب الشافعي يدل على انه انما يحتج بما وجد مسندا من أحاديث سعيد مثل حديث بيع اللحم بالحيوان جاء مرسلا وجاء مسندا عن أبي سعيد وعن أبي هريرة وقل ما يرسله سعيد ولا يوجد مسندا انتهى. توفي سعيد سنة أربع وتسعين عن تسع وسبعين سنة وسميت سنة الفقهاء لكثرة من مات فيها منهم وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغير اسم جده فقال انت سهل فقال لا أغير اسمى فما زالت الحزونة في ولده ففيهم سوء