وآله وسلم يقول لها لا تبكي يا بنية فان الله مانع أباك ويقول بين ذلك ما نالت قريش مني ما نالت حتى مات ابو طالب* وذكر أيضا ان النفر الذين كانوا يؤذون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بجوار المنزل لم يسلم منهم أحد الا الحكم بن ابى العاص مع ان إسلامه كان مضطربا فكان أحدهم يطرح عليه رحم الشاة وهو يصلى ويطرحها في برمته اذا نصبت له حتى اتخذ رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم حجرا يستتر به منهم اذا صلى وكان اذا طرحوا عليه ذلك خرج به على عود وقال يا بنى عبد مناف أى جوار هذا ثم يلقيه (قلت) وجميع ذلك انما هو أذى يتأذى به مع قيام العصمة لجملته ليناله حظه من البلاء وليحقق فيه مقام الصبر الذي أمر به كما صبر أولو العزم من الرسل الانبياء ومع ذلك فكل من قومه قد كان حريصا على الفتك به واستئصاله والفراغ منه لو يقدر على ذلك فسبحان من كفاه وقاه وآواه وأظهر دينه على الاديان كلها وأسماه*
[مطلب في خروجه صلى الله عليه وسلم لثقيف بالطائف وخبر ما لقي من أذاهم وخبر جن نصيبين]
ولثلاثة أشهر من موت أبى طالب خرج النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الى ثقيف أهل الطائف وحده وقيل كان معه زيد بن حارثة فأقام بها شهرا يدعوهم فردوا قوله واستهزؤا به وسألهم أن يكتموا عليه اذ لم يقبلوا فلم يفعلوا وعند انصرافه عنهم أغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون خلفه حتى اجتمع عليه الناس وألجؤه الى جنب حائط لعتبة وشيبة بنى ربيعة وكانا حينئذ هناك فلما اطمأن صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في ظله ورجع عنه عامة السفهاء دعا فقال اللهم انى أشكو اليك ضعف قوتى وقلة حيلتي وهوانى على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربى الى من ولا يضرب ضربا (ويقول بين ذلك) أى في أثنائه (ما نالت قريش مني ما نالت) ما الاولى نافية والثانية اسم أى الذي نالت (حجرا) بكسر المهملة وسكون الجيم أى شيأ يحتجر به عنهم أى يمتنع (على الفتك به) الفتك أن يأتي الرجل الى آخر ليقتله وهو غافل (واستئصاله) أى اذهابه من أصله* ذكر خروجه صلى الله عليه وسلم الى ثقيف وهو جد هوازن. قال في القاموس واسمه قصى بن منبه بن بكر بن هوازن وهو مصروف (أهل) بالكسر على البدل (فردوا عليه) كان الراد عليه ثلاثة اخوة عبد ياليل ومسعود وحبيب بنو عمرو بن عمير وذلك ان أحدهم قال هو يمرط ثياب الكعبة ان كان الله أرسلك وقال الآخر اما وجد الله أحدا يرسله غيرك وقال الثالث والله لا أكلمك كلمة أبدا لئن كنت رسولا من الله كما تقول فانت أعظم خطر امن ان أرد عليك الكلام ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي ان أكلمك فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم (ان يكتموا) بضم الفوقية (اللهم اني أشكو اليك ضعف قوتي الي آخره) أخرجه الطبراني في الكبير من حديث عبد الله بن جعفر (انت رب المستضعفين) انما خصهم مع انه رب الكل لانهم لا يتشوفون