[مطلب فى قدوم الأنصار اليه ثانية وبيعة العقبة الثالثة المتفق على صحتها]
وفي سنة ثلاث عشرة خرج حجاج الانصار من المسلمين مع حجاج قومهم من أهل الشرك فلما قدموا مكة واعدوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق وهي العقبة الثالثة المتفق على صحتها وها أنا أذكرها مختصرة على معنى ما ذكره أهل السير مع مراعاة بعض الالفاظ كما أفعل في غيرها من القصص قالوا فلما كانت ليلة الميعاد باتوا مع قومهم فلما مضى ثلث الليل خرجوا مستخفين ولما اجتمعوا بالشعب عند العقبة جاءهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه العباس عمه وهو يومئذ مشرك فتكلم العباس وقال يا معشر الخزرج وكانت العرب تسمى الانصار أوسها وخزرجها الخزرج ان محمدا منا حيث قد علمتم وقد منعناه من قومنا فهو في عز ومنعة من قومه في بلده وقد أبى الا الانقطاع اليكم واللحوق بكم فان كنتم ترون أنكم وافون له باتفاق ورمي بسهم يوم الخندق فعاش بعد ذلك شهرا ثم انتقض جرحه فمات أخرج ذلك البخاري وذلك سنة خمس (سعد بن عبادة) بن دليم بن حارثة بن حرام بن خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة ابن كعب بن الخزرج الانصاري سيد الخزرج يكنى أبا ثابت وأمه عمرة بنت مسعود لها صحبة ماتت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وشهد سعد العقبة الثالثة كما سيذكره المصنف قريبا واختلف في شهوده بدرا فأثبته البخاري وكان يكتب بالعربية ويحسن العوم والرمي فكان يقال له الكامل وكان مشهورا بالجود هو وأبوه وجده وولده مات بحوران سنة خمس عشرة وقيل سنة ست عشرة (أيام التشريق) الايام الثلاثة التي بعد يوم النحر (العقبة الثالثة المتفق على صحتها) من أهل السير والحديث (بالشعب) بكسر الشين وسكون المهملة قال الجوهري الطريق في الجبل وقال غيره ما انفرج بين جبلين فهو شعب (عند العقبة) بالتحريك وهو الجبل الطويل قال ياقوت العقبة التى بويع فيها النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فهى عقبة بين منى ومكة بينها وبين مكة نحو ميلين وعندها مسجد ومنها ترمى جمرة العقبة
(العباس بن عبد المطلب) بن هاشم بن عبد مناف كنيته أبو الفضل وأمه نتيلة بنت جناب بن كلب.
ولد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين وضاع وهو صغير فنذرت أمه ان وجدته ان تكسو البيت فوجدته فكست البيت الحرير فهي أوّل من كساه ذلك وكان اليه في الجاهلية السفارة والعمارة (وهو يومئذ على دين قومه) قال ابن حجر في الاصابة حضر بيعة العقبة مع الانصار قبل ان يسلم وشهد بدرا مع المشركين مكرها فاسر فافتدى نفسه وافتدى ابن أخيه عقيل بن أبي طالب ورجع الى مكة فيقال انه اسلم وكتم قومه ذلك وصار يكتب الى النبى صلى الله عليه وآله وسلم بالاخبار ثم هاجر قبل الفتح بقليل وشهد الفتح وثبت يوم حنين وقال فيه صلى الله عليه وآله وسلم من آذى العباس فقد آذاني فانما عم الرجل صنو أبيه أخرجه الترمذي وقال البغوي كان العباس أعظم الناس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة يعترفون للعباس بفضله ويشاورونه ويأخذون رأيه ومات بالمدينة في رجب أو رمضان سنة اثنتين وثلاثين وكان