للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِضِينَ* ولما كان ذلك وخشى أبو طالب دهماء العرب أن يركبوه مع قومه قال قصيدته التى يعوذ فيها بالحرم وبمكانه منه وتودد فيها أشراف قومه وهو على ذلك يخبرهم أنه غير مسلم لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم حتى يهلك دونه وجملتها أحد وثمانون بيتا تركناها ايثارا للاختصار وعدم الاكثار وانما نشير الى أصول القصص ومقاصدها دون فضولاتها وزوائدها وسنذكر ما استحسنا من القصيدة المذكورة فيما بعد ان شاء الله تعالى* ولما شاع في البلاد تشاجر قريش وبلغ الاوس والخزرج بالمدينة قال في ذلك أبو قيس بن الاسلت الواقفي قصيدة وبعث بها اليهم يذكرهم نعم الله عليهم ويحذرهم شؤم الحرب وعواقبها ووخيم مشاربها وكان أبو قيس صهرا لهم ذامودة وحياطة لهم ومنعنا من ذكرها ما ذكرنا في قصيدة أبي طالب*

[مطلب في مناواة قريش له صلى الله عليه وسلم بالذي وذكر طرفا مما آذوه به]

ثم ان قريشا لم ينجع فيهم شئ من ذلك ولم يؤثر لما وقع في قلوبهم من الشنآن والبغض لامر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولما تحتم لهم في علم الله من دائرة الشقاء المشار اليه بقوله تعالى وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى وجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يألو داعيا الى سبيل ربه مرة بالترغيب ومرة بالترهيب ومرة بالقول اللين وأخرى بالتبكيت والقول ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم فاقتسموا عقار مكة وطرقها وقعدوا على انقابها يقولون لمن جاء من الحجاج لا تغتروا بهذا الرجل الخارج الذي يدعى النبوة يقول طائفة منهم انه مجنون وطائفة انه كاهن وطائفة انه شاعر والوليد قاعد على باب المسجد نصبوه حكما فاذا سئل عنه قال صدق (أولئك) يعنى المقتسمين قاله مقاتل وقيل ان الآية نزلت في اليهود والنصارى حكى عن ابن عباس ومجاهد (عضين) قيل هو جمع عضو مأخوذ من قولهم عضيت الشيء أعضيه اذا فرقته وقيل هي جمع عضه على وزن وجه وقيل عدة وهو الكذب والبهتان (ولما كان ذلك) أي وقع (دهماء العرب) بفتح المهملة وسكون الهاء وبالمد أى غائلتهم (غير مسلم) بالتخفيف (القصص) بالكسر جمع قصة وأما بالفتح فمصدر (مقاصدها) أي المواضع المقصودة منها (فضولاتها) جمع فاضلة (ما استحسنا) بهمز وصل ثم مهملة ساكنة من الاستحسان (فيما بعد) بالبناء على الضم (شاع) أي ظهر (تشاجر قريش) بالمعجمة والجيم أي أي تخالفهم وتنازعهم والشجر بالفتح الامر المختلف (وبلغ الاوس والخزرج) هما القبيلتان المشهورتان من الانصار وسيأتي ذكرهما فيما بعد (ابن الاسلت) بالمهملة والفوقية (الواقفى) نسبة الى واقف كفاعل من الوقوف فخذ من الاوس وهو لقب مالك بن امرئ القيس (شؤم الحرب) بالهمز وهو نقيض اليمن (ووخيم مشاربها) بالمعجمة اي وبيء (وحياطة) بمهملة مكسورة ثم مثناة وبعد الالف مهملة أى نصرة وصيانة (لم ينجع) بفتح التحتية والجيم اي لم يؤثر (من الشنآن والبغض) مترادفان وفي نون الشنآن التحريك والسكون (المشار) بالكسر (ولو شاء الله لجمعهم على الهدى) أي فمن كفر منهم كفر لسابق علم الله فيه (لا يألو) أى لا يقصر ومنه لا يألونكم خبالا (داعيا) حال (بالتبكيت) بفوقية فموحدة وبعد الكاف تحتية ثم فوقية هو والتقريع

<<  <  ج: ص:  >  >>