الله عليه وآله وسلم أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فخطب ثم قال انما أهلك الذين من قبلكم انهم كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها.
[ومن ذلك حرمة مكة وان دخلوها عنوة يوم الفتح كان خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم]
وعن أبى شريح الخزاعي الكعبي انه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث الى مكة ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولا قام به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الغد من يوم الفتح سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناى حين تكلم به انه حمد الله وأثنى عليه ثم قال ان مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامريء يؤمن بالله واليوم الآخر ان يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة فان أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقولوا له ان الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم وانما أذن لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب خرجاه متفقين على لفظه وانما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا القول حين قتلت خزاعة رجلا من هذيل بمكة ثانى يوم الفتح فوداه النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ومما سبق به من الشعر قبل الفتح قول حسان ردا على أبي سفيان بن الحارث:
الا أبلغ أبا سفيان عني ... فانت مجوف نجب هواء
مطلقا بل يستحب اذا لم يكن المشفوع فيه صاحب اذاء ونحوه (ثم قام) زاد مسلم من العشى (الذين قبلكم) يعنى بني اسرائيل (وأيم الله) فيه جواز الحلف من غير استحلاف بل ندبه اذا كان فيه تفخيم أمر مطلوب كما مر وللعلماء خلاف الحلف بأيم ومذهبنا انه كناية وتتمة الحديث ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها فقال يونس قال ابن شهاب قال عروة قالت عائشة فحسنت توبتها بعد وتزوجت وكانت تأتي بعد ذلك فارفع حاجتها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم (تنبيه) ما جاء في رواية لمسلم عن عائشة وفي سنن أبي داود والنسائى عن ابن عمر ان امرأة مخزومية كانت تستعير المناع زاد النسائي عن ألسنة جاراتها وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها المراد كما نقله النووي عن العلماء انها قطعت بالسرقة وذكر العارية للتعريف بوصفها لا ان العارية سبب القطع وقد صرحوا في سائر الروايات بأنها سرقت وقطعت بسبب السرقة فتعين حمل هذه الرواية على ذلك جمعا بين الروايات فانها قضية واحدة مع ان جماعة من الحفاظ قالوا بشذوذ هذه الرواية والشاذ لا يعمل به وأخذ أحمد واسحاق بظاهر الحديث فأوجبا القطع على من جحد العارية (وعن أبي شريح الى آخره) روى حديثه الشيخان والترمذي والنسائي ومضى الكلام على حديثه في فضل مكة (قتلت خزاعة) وهم حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم (رجلا من هذيل) بضم الهاء وفتح المعجمة كما مر ولمسلم رجلا من بني ليث فقتل منهم