بالناس فلما رآه أبو بكر ذهب يستأخر فأومئ اليه النبى صلى الله عليه وسلم ان لا يتأخر وقال لهما اجلسانى الى جنبه فأجلسناه الى جنب أبى بكر فكان أبو بكر يصلى وهو قائم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبى بكر والنبى صلى الله عليه وسلم قاعد وقالت أم الفضل بنت الحارث سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالمرسلات عرفا ثم ما صلى لنا بعدها حتى قبضه الله تعالى رواه البخارى.
[فصل في آخر ما أوصى به صلى الله عليه وسلّم]
وآخر أحواله في الصلاة ما رويناه في الصحيحين واللفظ لمسلم عن أنس بن مالك ان أبا بكر كان يصلى بهم في وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه حتى اذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم سترة الحجرة فنظر الينا وهو قائم كان وجهه ورقة مصحف ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا قال فبهتنا ونحن في الصلاة من الفرح بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف وظن ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خارج للصلاة فأشار اليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ان أتموا صلاتكم قال ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرخى الستر قال فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومه ذلك وفي رواية قال أنس فكانت آخر نظرة نظرتها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم روى خارج الصحيحين ان آخر ما أوصى به صلى الله عليه وسلم بأن قال الصلاة وما ملكت أيمانكم حرك بها لسانه وما يكاد يبين قال أراد بما (اجلسانى الى جنبه) فيه جواز وقوف مأموم واحد بجنب الامام لحاجة أو مصلحة (وقالت أم الفضل) سمها لبابة بنت الحارث زوج العباس رضي الله عنهما (بالمرسلات عرفا) أى بسورة المرسلات وهي الرياح أو الملائكة قولان والعرف المتتابع أو الكثير قولان (رواه) مالك و (البخاري) ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائى وابن ماجه (سترة الحجرة) بكسر السين (كان وجهه ورقة مصحف) بتثليث الميم وهذا عبارة عن الجمال البارع وحسن السيرة وصفاء الوجه واستنارته (ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم) أى فرحا بما رأى من اجتماعهم على الصلاة واتباعهم لامامهم واقامتهم شريعته واتفاق كلمتهم واجتماع قلوبهم وهذا هو السبب في استنارة وجهه قال النووي وفيه معنى آخر وهو تأنيسهم واعلامهم بحاله في مرض وقيل يحتمل انه صلى الله عليه وسلم خرج ليصلى بهم فرأي من نفسه ضعفا فرجع انتهى (قلت) أو لعله أراد توديعهم وان يملاؤا نظرهم منه صلى الله عليه وسلم وكان ذلك بعد ان علم انه سيموت في ذلك اليوم وكان ذلك سبب تبسمه واستنارة وجهه فرحا بلقاء ربه (فبهتنا) مبنى للمفعول أي غشينا بهتة أي حيرة من سورة الفرح (ونكص) أى رجع (على عقبيه) أي الي ورائه قهقرا (وكانت) اسمها مستتر (آخر) خبرها (ثم روي خارج الصحيحين) في سنن أبي داود وابن ماجه عن على (الصلاة) بالنصب على الاغراء أى الزموا