كلها وتحولت الشهور عن اماكنها فوافق حجة الوداع شهر الحج المشروع وهو ذو الحجة فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم ان أشهر الحج قد تناسخت باستدارة الزمان وعاد الامر الى ما وضع الله عليه حساب الاشهر يوم خلق السموات والأرض وأمرهم بالمحافظة عليه لئلا يتبدل في مستأنف الزمان*
[السنة المخترمة بوفاته صلى الله عليه وسلّم]
ومن ذلك ما روى ابن اسحق وغيره ومعناه في الصحيحين عن عمرو ابن خارجة قال بعثني عتاب بن أسيد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة فبلغته ثم وقفت تحت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وان لعابها ليقع على رأسى فسمعته وهو يقول أيها الناس ان الله قد أدى إلى كل ذى حق حقه وانه لا يجوز وصية لوارث والولد للفراش وللعاهر الحجر ومن ادعى الى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا وصدر النبي صلى الله عليه وسلم من حجته وقد أدى الناس مناسكهم وعلمهم معالم دينهم وحذر وأنذر فكانت حجة البلاغ وحجة الوداع والله أعلم.
السنة المخترمة بوفات النفس الزكية المكرمة وهى سنة احدى عشرة من الهجرة وثلاث وعشرين من النبوة وثلاث وستين من المولد وكأنها آخر الدنيا قال ابن اسحق ثم قفل أو الى الصيد (حجة الوداع) بالنصب (شهر الحج) بالرفع ويجوز عكسه (ما روى ابن اسحاق) وكذا البيهقي قال الذهبي بسند صالح (فان لعابها يقع على رأسى) يستدل به على طهارة نحو لعاب الحيوان الطاهر (لا يجوز وصية لوارث) زاد الدارقطني والبيهقى عن ابن عباس الا ان يسأل الورثة وللبيهقي من طريق عمرو بن خارجة الا ان يجيزها الورثة ففيه ان الوصية للوارث باى سبب كان لا تصح حتى يجيزها باقى الورثة أي مطلق التصرف منهم اما نحو السفيه فلا يجوز الاجازة منه ولا من وليه ولا من الحاكم كما صرح به الماوردي قال أصحابنا ويكفي من الورثة لفظ الاجازة لانها تنفيذ لا ابتداء عطية (من ادعي) بهمز وصل والبناء للفاعل (فعليه لعنة الله) أى عذابه الذى يستحقه على ذلك الذنب والطرد عن الجنة أول الأمر وليست كلعنة الكفار الذين يبعدون عن رحمة الله ابعادا كليا (لا يقبل الله منه صرفا) بفتح المهملة وسكون الراء أي فريضة (ولا عدلا) أي نافلة وقيل عكسه وقيل الصرف التوبة والعدل القربة قال عياض قيل معناه لا يقبل ذلك منه قبول رضي وان قبل قبولا آخر قال وقد يكون القبول هنا بمعني تكفير الذنب بهما قال وقد يكون معنى القربة هنا انه لا يجد في القيامة أحدا يفدي به بخلاف غيره من المذنبين الذين يتفضل الله عليهم بان يفديهم من النار باليهود والنصاري كما ثبت في الحديث الصحيح (وصدر) أي رجع (فكانت) مبينة (حجة) بالنصب خبرها* ذكر وفاته صلى الله عليه وسلم (المخترمة) بالمعجمة (وثلاث وستين من المولد) كما رواه مسلم من رواية أنس وعائشة وابن عباس ومعاوية وهى أصح وأشهر ولمسلم رواية انه توفي