في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما وانظر كيف لم يعذر النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم هؤلاء وقد كان فعلهم فى نصر دين الاسلام وقبل تقرر الاحكام وتأولوا انما قيلت في هذه الحال خوفا من القتل وهو الذي يقرب الى الافهام فلم يعذرهم بشىء من ذلك صلي الله عليه وسلم بل قال لاسامة أفلا شققت عن قلبه ومعناه لو فعلت لم يفد ذلك ولم يكن ذلك سبيلا الى معرفة ما هناك فلم يبق الا ان يبين عنه لسانه ففي هذا ان الاحكام الشرعية تناط بالمظان والظواهر لا على القطع واطلاع السرائر والله سبحانه أعلم*
[ذكر وفد بنى تميم وبني حنيفة وأهل نجران]
السنة التاسعة وسميت سنة الوفود لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما افتتح مكة أيقنت العرب بظهوره فبعثت كل قبيلة جماعة من رؤسائهم باسلامهم وأصح أحاديث الوفود حديث وفد عبد القيس ووفد بنى تميم ووفد بني حنيفة وأهل نجران: اما حديث عبد القيس فسبق في قصته وحديث بني تميم أيضا مر قريبا فى ذكر سرية عيينة بن حصن وذكر البخاري في ترجمة وفد بنى تميم حديثا واحدا وهو ما روي عن عمران بن الحصين قال أتى نفر من بنى تميم النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فقال اقبلوا البشرى يا بنى تميم فقالوا يا رسول الله قد بشرتنا فاعطنا فرئ ذلك فى وجهه فجاء نفر من اليمن فقال اقبلوا البشرى اذ لم يقبلها بنو تميم فقالوا قد قبلنا يا رسول الله: وذكر أهل السير لوفد بني تميم جملة من الاخبار منها أنه لما قام خطيبهم وشاعرهم البخاري من حديث ابن عمر وأخرجه أبو داود وغيره من حديث أبي الدرداء (في فسحة) بتثليث أوله والضم أشهر ثم مهملتين الاولى ساكنة أي سعة (من دينه) بالمهملة فالتحتية فالنون أي لا يزال دينه واسعا لا يضيق عليه وقال ابن العربي الفسحة في الدين سعة الاعمال الصالحة حتي اذا جاء القتل ارتفع القبول وللكشميهنى في البخاري بالمعجمة فالنون والموحدة أي لا يزال المؤمن في استراحة من ذنبه وفى رواية لابي داود لا يزال عفيفا صالحا (ما لم يصب دما حراما) زاد أبو داود فاذا أصاب دما حراما بلح بالموحدة والمهملة وتشديد اللام أي اعيا وانقطع قاله الهروي (تناط) بالنون والمهملة مبني للمفعول أي تعلق والنوط التعليق (بالمظان) بفتح الميم وتخفيف المعجمة وتشديد النون جمع مظنة بفتح الميم وكسر المعجمة وتشديد النون وهي المحل الذي يظن حصول الشيء فيه. السنة التاسعة (وتسمى) هذه (سنة) بالنصب (وأهل نجران) بفتح النون وسكون الجيم ثم راء ثم ألف ثم نون جبال من جبال اليمن على سبع مراحل من مكة سمى بنجران بن دبران بن سبا (قد بشرتنا فاعطنا) قائل ذلك الاقرع بن حابس (فريء في وجهه) بكسر الراء والمدلغة في رؤى (فقالوا قد قبلنا يا رسول الله) هذا من جملة فضائل أهل اليمن (وذكر) المفسرون (وأهل السير) كابن اسحق وابن سيد الناس ومغلطاي وغيرهم (جملة من الاخبار منها) انهم لما جاؤا رسول الله صلى الله عليه وسلم نادوا على الباب اخرج الينا يا محمد فان مدحنازين