للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على نفسه باللوم والعتاب وكان عمر بن الخطاب يقول رحم الله من أهدى الىّ عيوبى واعترضته امرأة في كلام تكلم به في ملأ من الناس فصاح على نفسه بالخطأ. وقال شيخ جهل وامرأة علمت فانظر يا أخى كيف كان حالهم في اقتدائهم بسنة نبيهم ورجوعهم الى الحق بعد معرفته وذلك لقوة ايمانهم وضعف قوى أنفسهم عند ظهور الحق واخناس شيطانهم فدن الله بما دانوا ومت على ما ماتوا تنج وتسلم وتغنم وبالله التوفيق* أما الوسواس في النية التي نحن بصددها فقد قال الشيخ الامام عبد الله بن قدامة المقدسى اعلم ان النية هى القصد والعزم على فعل الشيء ومحلها القلب لا تعلق لها باللسان أصلا ولذلك لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه في النية لفظا بحال ولا سمعنا عنهم ذلك وهذه العبارات التي حدثت عند افتتاح الطهارة والصلاة وجعلها الشيطان معتركا لأهل الوسواس يحبسهم عندها ويعذبهم فيها ويوقفهم في طلب تصحيحها فترى أحدهم يكررها ويجهد نفسه في اللفظ بها حتى كأنه يحمل ثقلا يدفعه وليست من الصلاة أصلا وانما النية قصد فعل الشيء وكل عازم على فعل شيء فهو ناوله فمن قصد الوضوء فقد نواه ومن قصد الصلاة فقد نواها ولا يكاد عاقل يقصد شيئا من عباداته ولا غيرها بغير نية فالنية أمر لازم لافعال الانسان المقصودة لا يحتاج الى تعب ولو أراد اخلاء أفعاله عنها لعجز عن ذلك ولو كلفه الله تعالى الصلاة والوضوء بغير نية لكلفه ما لا يطيقه ولا يدخل تحت وسعه وما كان هكذا فما وجه التعب في تحصيله وان شك في حصولها منه فهو نوع جنون فان علمه بحال نفسه أمر يقيني فكيف يشك فيه عاقل هذا معني كلامه.

[فصل في رقية الوسواس]

(فصل) في رقية الوسواس روينا في صحيح مسلم عن عثمان بن أبى العاص قال قلت يا رسول الله ان الشيطان قد حال بيني وبين صلاتى وقراءتى يلبسها على فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك شيطان يقال له خنزب فاذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثا ففعلت ذلك بنفسك وروي انه قيل لعمر بن الخطاب اتق الله فوضع خده على الارض تواضعا لله عز وجل (ورجوعهم الى الحق) بالضم عطفا على حالهم وبالكسر عطفا على اقتدائهم (قوى) بضم القاف وفتح الواو والقصر القوة (واخناس شيطانهم) بالمعجمة فالنون (فدن) أمر من دان يدين بمعنى أطاع (تنج) بالجزم على جواب الامر وكذا ما بعده (ذكر ذلك) بالنصب (معتركا) بضم الميم وسكون المهملة وفتح الفوقية والراء.

(فصل) في رقية الوسواس (حال بيني وبين صلاتي) أى منعنى لذتها والفراغ للخشوع فيها (يلبسها على)

<<  <  ج: ص:  >  >>