على ركبتيه كهيئة التشهد والله أعلم بالصواب* وأما الآداب المذكورة في مجالس الحديث وأكثرها عن مالك وأصحابه فما أحسن استعمالها لكن في بعضها افراط في التغليظ وقد كانت مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم معمورة بالوحى والتنزيل لحضور جبريل وميكائيل ثم ان بها جماع الفوائد والمراشد مبنية على أكمل الآداب وأتم العوائد ومع ذلك فقد كان صلى الله عليه وسلم ربما قام من مجلسه لورود من يتأهل للقيام وربما عرض بعض الجفاة في مجلسه بكلام ينافي آداب المجالسة فلم يعنفه وربما كان في كلام متسق فعرض غيره فقطع كلامه. حتى ورد ان قتلة ابن أبى الحقيق اليهودي انتهوا اليه وهو في خطبة الجمعة فأقبل اليهم يسئلهم ثم عاد الى خطبته* وان الحسن والحسين جاؤا وهو يخطب الناس وعليهما قميصان وهما يعثران ويقومان فنزل صلى الله عليه وسلم وضمهما اليه ثم قال معتذرا عن ذلك أيها الناس صدق الله انما أموالكم وأولادكم فتنة لم أملك نفسي حين رأيت هذين الولدين يعثران ويقومان حتى فعلت بهما الذي رأيتم وقد كان أموره صلى الله عليه وسلم كلها مبنية عن القصد والاعتدال لا افراط ولا تفريط وقال خير الأمور أوسطها وبعثت بالحنيفية السمحة وقال تعالى ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ والمعول على الآداب القلبية وصلاح النية وكل شيء بعدها مغتفر والله ولى التوفيق.
[فصل في صفة نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم وفصاحته وسكوته]
«فصل» في صفة نطق رسول الله صلى الله عليه وسلم وفصاحته وسكوته قالت عائشة ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد الحديث كسردكم هذا ولكنه كان يتكلم بكلام بين فصل يحفظه من جلس اليه. وعن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثا لتعقل عنه واذا أتى قوما سلم عليهم ثلاثا. وقال أبو الدرداء كان رسول الله صلى التحتية المشددة ثم زاي أي جانب (وقولهم) بالنصب (مبنية) بالنصب (بالجفاة) جمع جاف وهو الجلف من سكان البادية (يعثران) بضم المثلثة يسقطان وزنا ومعنى (كلها) بالضم تأكيد لاموره (مبنية) بالنصب خبر كانت (القصد) أى التوسط (بعثت بالحنيفية السمحة) فمن خالف سنتى فليس منى أخرجه الخطيب عن جابر (من حرج) أى ضيق.
(فصل) في صفة نطقه صلى الله عليه وسلم (وعن أنس) كما أخرجه عنه الترمذى والحاكم (واذا أتي قوما سلم عليهم ثلاثا) ولاحمد وأبي داود عن عبد الله بن بشر يقول السلام عليكم السلام عليكم مرتين وهذا ينبهك على أن تكريره انما كان لعدم سماع المسلم عليهم فان كان اذا سمعوا سلامه في أول مرة لم يرد