[مطلب في تزويج الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الأسدية وخبر ذلك]
وفي هذه السنة أو في الثالثة زوج الله نبيه صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش الاسدية وهي أبنة عمته أميمة بنت عبد المطلب نطق بذلك التنزيل وكان لزواجها شأن جليل. روى المفسرون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان خطبها أو لا لمولاه زيد بن حارثة الكلبي وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعتقه وتبناه فكرهته زينب وترفعت عليه بنسبها وجمالها وتبعها أخوها عبد الله بن جحش على ذلك فأنزل الله عز وجل فيهما وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ فلما سمعا ذلك رضيا وجعلا الأمر الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فانكحها رسول الله زيدا وأعطاها عشرة دنانير وستين درهما وحمارا ودرعا وازارا وملحفة وخمسين مدا من طعام وثلاثين صاعا من تمر فمكثت عند زيد حينا ثم جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم يشكوها ويستشيره في طلاقها فقال أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وكان النبى صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبره ربه تبارك وتعالى قبل ذلك انها ستكون من أزواجه ففى ذلك نزل قوله تعالى وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ أى بالاسلام وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أى بالعتق أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ واخفى في نفسه طريق أخرى عن ابن عباس عند أحمد وأبي داود وغيرهما قال ابن عباس ما سمعنا بوافد قط كان أفضل من ضمام وفي هذه السنة أي الخامسة (أميمة) بالتصغير (شأن) أمر (جليل) عظيم (خطبها أولا لمولاه) زاد البغوي فلما خطبها رضيت وظنت انه يخطبها لنفسه (أعتقه وتبناه) بمكة وهو صغير وذلك انه دخل به المسجد فقال يا معشر قريش اشهدوا ان زيدا ابني خمسا ذكره ابن عبد البر وغيره بعد ان قدم أبوه يلتمسه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه وخيره بينه وبين أبيه فاختاره صلى الله عليه وسلم فقال ما أنا براجعه لكم بعد ان اختارني قال في التوشيح فأسلم أبوه يومئذ ولم يذكر ابن عبد البر اسلامه (وترفعت عليه بنسبها وجمالها) فقالت انا ابنة عمك يا رسول الله فلا أرضاه لنفسي وكانت بيضاء جميلة فيها حدة (ما كان) ينبغي (لمؤمن) يعني عبد الله بن جحش (ولا مؤمنة) يعنى زينب (اذا قضى الله ورسوله أمرا) وهو نكاح زيد لها (ان يكون) بالتحتية لاهل الكوفة وبالفوقية للباقين (لهم الخيرة من أمرهم) الاختيار أي ما كان لهم ان يريدوا غير ما أراد الله ورسوله (وأعطاها عشرة دنانير الى آخره) هذا لفظ البغوي في التفسير بحروفه (خمارا) بكسر المعجمة هو ما تجعله المرأة على رأسها (ودرعا) أى قميصا (وملحفة) بكسر الميم أي ثوبا يلتحف به (حينا) هو القطعة من الزمان يطلق على الطويل والقصير منه ولم أرى التصريح بقدره هنا (يشكوها) فقال انها تتعظم على بشرفها وتؤذينى بلسانها (ويستشيره في طلاقها) فقال يا رسول الله إني أريد أن أفارق صاحبتى فقال مالك أرابك منها شئ قال والله يا رسول الله ما رأيت منها الا خيرا (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ) يعني زينب (وَاتَّقِ اللَّهَ) في أمرها ولا تفارقها