روعه الكلام نفثا وأخرى يكلمه ربه من وراء حجاب إما في اليقظة وإما في النوم. وقد قدمنا أن اسرافيل وكل به قبل جبرائيل مدة (عدنا الى ما نحن بصدده)
[مطلب في تاريخ رسالته الى الخلق على ما حكاه أهل التاريح والدعوة اليها سرا]
قال أهل التواريخ والسير جاء جبريل النبى صلى الله عليه وآله وسلم ليلة السبت ثم ليلة الاحد وخاطبه بالرسالة يوم الاثنين لثمان أو لعشر خلون من ربيع الاول بعد بنيان قريش الكعبة لخمس سنين وبعد قتل كسرى النعمان بن المنذر بسبعة أشهر وقيل كان ذلك في رمضان ولم يذكر ابن اسحق غيره. وذلك لستة آلاف سنة ومائة سنة وثلاث وعشرين سنة من هبوط آدم ذكره المسعودى قال وذكر مثل هذا عن بعض حكماء العرب في صدر الاسلام ممن قرأ في الكتب السالفة على حسب ما استخرج من غار الكنز وفي ذلك يقول في أرجوزة له طويلة
فى رأس عشرين من السنينا ... الى ثلاث حصلت يقينا
والمائة المعدودة التمام ... الى ألوف سدست نظام
أرسله الله لنا رسولا ... فنسخ التوراة والانجيلا
ولما بعث صلى الله عليه وآله وسلم أخفى أمره وجعل يدعو أهل مكة ومن أتاه اليها سرا فاتبعه أناس من عامتهم ضعفاء من الرجال والنساء والموالى وهم أتباع الرسل كما في حديث روعه) بضم الراء وبمهملة والروع القلب واما بفتح الراء فالفزع (نفثا) مصدر أكد به لدفع توهم ان الالقاء اللطيف يشتبه بحديث النفس (من وراء حجاب) أي وهولا يراه (فائدة) مما ينبغي التنبيه عليه ما ذكره عياض في الشفا وغيره ان الحجاب في حق المخلوق أما الخالق فمنزه عنه اذ الحجاب انما يحجبه بمقدار محسوس ولكن حجبه على ابصار خلقه وبصائرهم وادراكاتهم بما شاء ومتي شاء (بصدده) هو من صد للامر يصد صدا وصددا اذا تعرض له (ليلة السبت) كان يسمى في الجاهلية شيار و (الاحد) أول و (الاثنين) أهون وهو بوصل الهمزة على بابه. وقال بعضهم الاولي فصلها ليكون فرقا بين اليوم والعدد. والثلاثاء جبار والاربعاء دبار والخميس مؤنس والجمعة عروبة والصحيح ان ترتيب أيام الاسبوع كما ذكرنا ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم خلق الله التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الاحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الاربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر الى الليل أخرجه أحمد ومسلم من حديث أبي هريرة وما ذكره المصنف من مجئ جبريل بالرسالة يوم الاثنين مر أوّل الباب بما فيه (لعشر خلون من ربيع الاول) كان مجيء جبريل اليه حينئذ مناما لا يقظة فلا ينافى ما ذكره ابن اسحاق وغيره ان ذلك كان في رمضان (وذلك لستة آلاف الى آخر ما ذكره عن المسعودى) أصح منه ما نقله هشام الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس انه ستة آلاف ومائة واحدى وستون سنة فمن آدم الي نوح ألفان ومائتا سنة ومنه الى ابراهيم ألف ومائة وثلاث وأربعون سنة ومنه الى موسى