من أدل الدلائل على خلافة أبى بكر وقد ثبت أصلهما من الصحيحين كما ترى
[مطلب وكان وجعه صلى الله عليه وسلّم عرق في الكلية]
وكان وجعه صلى الله عليه وسلم وهو عرق في الكلية اذا تحرك أوجع صاحبه وقيل الصداع وروي البخارى عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذى مات فيه يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذى أكلت بخيبر فهذا أو ان وجدت انقطاع ابهرى من ذلك السم وغير مدافع انه قد كان مع ذلك حمى فيحتمل ان يكون مع وجودها تداعت أسباب هذه الاوجاع كلها وكان وجعه صلى الله عليه وسلم شديدا روينا في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فمسسته فقلت انك لتوعك وعكا شديدا قال أجل كما يوعك رجلان منكم قلت ذلك بأن لك أجرين قال أجل ذلك كذلك ما من مسلم يصيبه اذى شوكة فما فوقها الا كفر الله بها سيآته كما تحط الشجرة ورقها وفي معناه قوله صلى الله عليه وسلم أشد الناس بلاء الانبياء ثم الامثل فالامثل وكان صلى الله عليه وسلم في مرضه يدور على أزواجه وهن يومئذ تسع حتى اشتد به المرض في يوم ميمونة أى أحق بالخلافة ورواه بعضهم في مسلم انا بالتخفيف أولا بفتح الهمزة والواو المشددة أى الاحق أولا وبعضهم انا بالتخفيف ولى بكسر اللام أى الخلافة وبعضهم انا بالتخفيف ولاه أي انا الذي ولاه النبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم انا بتشديد النون ولاه أي كيف ولاه قال عياض أجود هذه الروايات الاولى (من أدل الدلائل على خلافة أبي بكر) وثبوتها باجماع الصحابة على عقد الخلافة له وتقديمه وليس فيه نص صريح على خلافته والا لما وقعت منازعة من الانصار وغيرهم ولذكر حافظ النص ما معه ولرجعوا اليه (الخاصرة) باعجام الخاء واهمال الصاد (الكلية) بضم الكاف وسكون اللام (الصداع) وجع الرأس (وروى البخارى الى آخره) تقدم الكلام عليه في غزوة خيبر (كلها) بالرفع والنصب (فمسسته) بكسر السين (وعكا) بفتح الواو وسكون العين وقد يفتح والوعك الحمي وقيل معلها (أجل) بتخفيف اللام أي نعم (ما من مسلم يصيبه أذى الى آخره) فيه تكفير الخطايا بالبلايا كما ذهب اليه أهل السنة (سيآته) بكسر التاء علامة للفتح (كما تحط) تلقى وتسقط (أشد الناس بلاء الانبياء ثم الامثل فالامثل) رواه أحمد والبخاري والترمذى وابن ماجه عن سعد رضي الله عنه وتتمته يبتلى الرجل على حسب دينه فان كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه وان كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الارض وما عليه خطيئة انتهي والامثل الافضل وانما شدد البلاء على من ذكر لانهم لقوة دينهم لا يخاف منهم الجزع والتسخط بالقضاء الماحق لاجر البلاء فابتلوا بما تزداد به درجاتهم ولا تنقص به حسناتهم بخلاف غيرهم اذ يخاف عليه غلبة الجزع ونحوه فيبطل ثوابه ولا ينتفع بالبلاء فكان بلاء كل على قدر دينه رجمة من الله عز وجل بعباده ونظرا لهم بالاصلح الانفع فله الحمد والثناء على ما تفضل به وأسدى (في يوم ميمونة) وكان ابتداء مرضه ببيتها