عادة ما يقرأ الإنسان القرآن، وهو متأثر بثقافة العصر الذي يعيش فيه، فيسمع آيات الله تُتلى عليه، وفي خلفية ذهنه ما يدور حوله من ظروف، وأحداث كثيرة، ومن هذا المنطلق يحدث أحيانًا شيء من التقابل بين ثقافته التي يعرفها، وبين القرآن الذي يتلقاه، وهذا هو السبب في أن القرآن قال عن الذين يعرفون ثقافة عصورهم، ولا يعرفون القرآن: {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (٧)} [الروم] وهو يلوم على الكفار أنهم يعرفون ثقافة العصر، ولا يعرفون ثقافة الإسلام .. أما الإنسان إذا عرف ثقافة الإسلام، ولم يدرك ثقافة العصر فهو أيضًا محل لوم ومعاتبة من هذا الدين؛ لأن الإسلام لا يعرف المسلم الأبله .. المسلم الغافل الذي لا يدرك ما حوله ..
لقد كان مما أوحاه الله -عز وجل- إلى المؤمنين، وإلى النبيين، وإلى المرسلين، وجاءت في صحف إبراهيم أن المؤمن عالم بزمانه .. مقبل على شأنه .. فالمسلم لابد أن يجمع بين ثقافة العصر الذي يعيش فيه وبين معرفته بدينه؛ لأنه يريد أن يصلح هذا العصر بهذا الدين.