للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا استمات هؤلاء واستبسلوا في إثبات أن الأجسام كلها حادثة، وأن المحدث لها ليس جسماً، وبالتالي لا يتصف بصفات الأجسام، ومن هنا وقعوا في التعطيل واتبعوا فلاسفة اليونان في وصف الله تعالى بالتجريد والإطلاق دون صفة ثبوتية، على تفاوت بينهم في ذلك لكن الأصل الذي اتفقوا عليه في حدوث العالم ومنع دوام الحوادث في الماضي ونفي حلول الحوادث بالله هو الذي دارت عليه مؤلفات القوم وعنه تشعبت أقوالهم.

فقد ورثوا عن اليونان أن الأجسام لا تخلو عن الأكوان الأربعة (١) [وهي الاجتماع والافتراق والحركة والسكون] وهذه الأكوان هي في الحقيقة أعراض (٢) .

فمن هنا اعتمدت كل طائفة منهم طريقة في إثبات حدوث الأجسام: -

١- فالمعتزلة اعتمدوا طريقة الحركة والسكون وتبعهم إمام الأشعرية المتأخرين الرازي.

٢- والأشعرية كالجويني والآمدي اعتمدوا طريقة الأعراض.

٣- والأشعري نفسه والكرامية اعتمدوا طريقة الاجتماع والافتراق (٣) .


(١) والعرض يقابله الجوهر والجوهر يشمل الجسم وغيره (انظر الاختلاف في مفهوم الجوهر في المعجم الفلسفي، حسن حنفي ص٨٥)
(٢) وللجسم أعراض أخرى كاللون والطعم والرائحة ... والعلماء المعاصرون تاهوا في حقيقة الذرة كما تاه القدماء في حقيقة الجسم.
(٣) انظر درء تعارض العقل والنقل: ١/٣٨، ٢/١٩١ وللمسألة صباغات أخرى وهي (التركيب، الأعراض، الاختصاص) انظر المصدر نفسه ٧/١٤١.

<<  <   >  >>