وكان ما علم بالشرع مع صريح العقل أيضاً زاد لما يقوله الفلاسفة الدهرية من قدم شيء من العالم مع الله بل القول " بقدم العالم " قول اتفق جماهير العقلاء على بطلانه؛ فليس أهل الملة وحدهم تبطله، بل أهل الملل كلهم، وجمهور من سواهم من المجوس وأصناف المشركين: مشركي العرب، ومشركي الهند وغيرهم من الأمم، وجماهير أساطين الفلاسفة كلهم معترفون بأن هذا العالم محدث كائن بعد ان لم يكن، بل وعامتهم معترفون بأن الله خالق كل شيء، والعرب المشركون كلهم كانوا يعترفون بأن الله خالق كل شيء، وان هذا العالم كله مخلوق، والله خالقه وربه، وهذه الأمور مبسوطة في موضعها.
ويقول في المجلد السادس ص٢٣١
و" طائفة " يقولون: هب أنه يفتقر إلى فعل قبله، فلم قلتم: ان ذلك ممتنع؟ وقولكم: هذا تسلسل فيقال: ليس هذا تسلسلاً في الفاعلين، والعلل الفاعلة؛ فإن هذا ممتنع باتفاق العقلاء؛ بل هو تسلسل في الآثار والأفعال، وهو حصول شيء، وهذا محل النزاع " فالسلف " يقولون: لم يزل متكلماً إذا شاء؛ وقد قال تعالى {قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلماتي ربي ولو جئنا بمثله مددا} فكلمات الله لا نهاية لها، وهذا تسلسل جائز كالتسلسل في المستقبل فإن نعيم الجنة دائم نفاد له، فما من شيء إلا وبعده شيء لا نهاية له.
وأما قدم " الفاعلية " وهو: أنه ما زال فاعلاً، فيقال: هذا لفظ مجمل؛