للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب نفي الشيء جملة من أجل عدم كمال صفته:

قال الله جلّ وعزّ في صفة أهل النار: {لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} ١ فنفى عنه الموتَ لأنه ليس بموت مُرِيح ونفى عنه الحياةَ لأنها ليست بحياة طيبة ولا نافعة. وهذا في كلام العرب كثير، قال أبو النَّجْم٢:

يُلْقِينَ بالخَبارِ والأجارعِ ... كلَّ جَهيضٍ لَيِن الأكارع

بلهاء لم تحفظ ولم تضيع ... ليسَ بِمِحْفوظ ولا بضائع

وقال٣:

وقد أجُوبُ البَلد الْبَرَاحا ... الْمَرْمَرِيسَ القَفْرةَ الصَحْصَاحا

بالقوم لا مرْضَى ولا صِحاحا

ومن هذا الباب أو قريبٌ منه قوله جلّ ثناؤه: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ} ٤، ومنه {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} ٥ -فأثبت علماً- ثم قال: {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} لما كان علماً لم يعملوا به كانوا كأنهم لا يعلمون. ومن الباب قول مسكين٦:

أعُمى إذا ما جارتي خرجَتْ ... حتى يواري جارتي السِّتْرُ

وأصَمّ عما كان بينهما ... سمعي وما بالسمع من وقر


١ سورة طه، الآية: ٧٤.
٢ الخبار: ما لان من الأرض. الأجارع: جمع الجرعاء: الأرض ذات الحزونة تشاكل الرمل. الجهيض: الولد السقط.
٣ لسان العرب: مادة "معل" ونسبته إلى ابن العمياء، وبلا عزو في المخصص: ١٢/ ١١٧، وروايته: "البلد القراحا" و"النائي الصحصاحا"، وقوله: البلد القراح: أي البلد لا ماء بها ولا شجر. الصحصاح: ما استوى من الأرض. والمرمريس: الأرض لا تنبت شيئًا. القفرة. الخلاء من الأرض.
٤ سورة الأعراف، الآية: ١٧٩.
٥ سورة البقرة، الآية: ١٠٢.
٦ مسكين الدارمي، هو ربيعة بن عامر الدرامي، من شعراء العصر الأموي، مات سنة ٨٩هـ.

<<  <   >  >>