للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب الإتباع:

للعرب الأتْباع وهو أن تتبع الكلمةُ الكلمةَ عَلَى وزنها أَوْ روِيّا إشباعاً وتأكيداً. ورُوي أن بعض العرب سُئِل عن ذَلِكَ فقال: هو شيءٌ نَتدبر بِهِ كلامنا. وذلك قولهم: "ساغِبٌ لاغِب"١, و"هو خَبٌّ ضَبّ"٢, و"خَرابٌ يَباب". وَقَدْ شاركَتْ العَجَمُ العربَ فِي هَذَا الباب.

باب الأوصاف الَّتِي لَمْ يسمع لَهَا بأفعال والأفعالِ الَّتِي لَمْ يُوصف بِهَا:

قال الخليل: "ظَبيٌ عَنَبَانٌ" أي نشيط، قال: وَلَمْ نسمع للعنبان فعلاً، قال: "يَشُدُّ شد العَنَبان البارح" قال: و"الخَضِيعَةُ" صوت يخرج من قُنبِ٣ الدّابّة ولا فعل لَهَا. ويقولون فِي التحقير: "هو دُونٌ" ولا فعل لَهُ.

قال أبو زَيْد: يقال للجبان: "إنه لمفؤود" ولا فعل لَهُ. قال: و"الخَبِطة" مثل الرَّفَض من اللبن والماء ولا فعل لَهَا. وقال: "أمجَدْتُ الإِبلَ إمجاداً" إذَا أنت أشبعْتَها ولا فعل لَهَا فِي هذا. و"المَزِيّةُ" الفضل ولا فعل لَهَا. قال أبو زيد: يقال: "مَا ساءه وناءه" تأكيدٌ للأول ولم يعرفوا من "ناءه" فعلاً، لا يقولون: "ينوؤه" كما يقال: "يسوؤه".

ومن الأفعال الَّتِي لَمْ يُوصَف بِهَا قولُنا: "ذَرأ الله الخَلْق" قال الله عزّ وجلّ: {يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} ٤ وَلَمْ يُسمع فِي صفاته جل ثناؤه: "الذارئ".

باب النحت:

العرب تَنْحَتُ من كلمتين كلمةً واحدة، وهو جنس من الاختصار، وذلك:


١ ساغب: جائع. لاغب: من اللغب: الإعياء الشديد. ولا يكون -على قول- السغب إلا مع إعياء.
٢ قولهم: هو خَبٌّ ضَبّ. للبخيل الذي يمنع ما عنده، وينزل المنهبط من الأرض ليجعل موضعه بخلا.
٣ قنب الدابة: جراب قضيب الدابة.
٤ سورة الشورى. الآية: ١١. وذرأ: خلق.

<<  <   >  >>