للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"رجل عَبْشَميّ" منسوب إِلَى اسمين، وأنشد الخليل١:

أقول لَهَا ودمعُ العين جارٍ ... ألَمْ تَحْزُنْكِ حَيْعَلةُ المنادي

مكان قوله: "حَيَّ علي". وهذا مذهبنا فِي أنّ الأشياء الزائدة عَلَى ثلاثة أحرف فأكثرها منحوت، مثل قول العرب للرجل الشديد "ضَبَطرٌ" وَفِي "الصِّلِّدْم" إنه من "الصَّلد" و"الصَّدْم". وَقَدْ ذكرنا ذَلِكَ بوجوهه فِي كتاب "مقاييس اللغة".

باب الإشباع والتأكيد:

تقول العرب: "عَشَرةٌ وعَشَرة فتلك عشرون" وذلك زيادة فِي التأكيد ومنه قوله جلّ ثناؤه: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} ٢, وإنما قال هَذَا لنفي الاحتمال ان يكون أحدهما واجباً إما ثلاثة وإما سبعة فأُكّد وأزيل التوهّمِ بأن جُمِعَ بَيْنَهما. ومن الباب قوله جلّ ثناؤه: {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} ٣ إنما ذكر الجَناحين لأن العرب قَدْ تُسمّي الإِسراعَ طيرَاناً، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "كلَّما سَمعَ هَيْعة طار إليها أخرى" ٤. وكذلك قوله: {يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ} ٥ فذلك الألسنة لأن الناس يقولون: "قال فِي نفسه كذا" قال الله جلّ ثناؤه: {وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} ٦ فاعلم أن ذَلِكَ باللسان دون كلام النفس.

باب الفصل بَيْنَ الفعل والنعت:

النعت يؤخذ عن الفعل نحو: "قامَ فهو قائم" وهذا الَّذِي يسمّيه بعض النحويين "الدائمَ" وبعض يسميه: "اسمَ الفاعل". وتكون لَهُ رتبة زائدة عَلَى الفاعل. قال الله جلّ ثناؤه: {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} ٧ وَلَمْ يقل: لا


١ لسان العرب: مادة "حعل", والعين: ١/ ٦٠.
٢ سورة البقرة، الآية: ١٩٦.
٣ سورة الأنعام، الآية: ٣٨.
٤ رواه مسلم: إمارة ١٢٥، وابن ماجة: فتن ١٣، وأحمد: ٢/ ٤٤٣.
٥ سورة الفتح، الآية: ١١.
٦ سورة المجادلة، الآية: ٨.
٧ سورة الإسراء، الآية: ٢٩.

<<  <   >  >>