يعتبر فتح إسبانيا "الأندلس"، تابعا لفتوح المسلمين في الغرب، وقد كان فتحا رائعا من الناحية العسكرية أضاف إلى دولة الإسلام قطرا ضخما من أقطار أوروبا، وامتد الإسلام به على ثلاث قارات. وبهذا الفتح نجح المسلمون في دخول القارة الأوروبية من الغرب، في حين فشلوا في دخولها بمحاولة فتح "القسطنطينية" من الشرق، ثم أتيحت لهم الفرصة بعد ذلك للتوغل في غرب أوروبا حتى وصلوا إلى قرب نهر "السين" في جنوب بلاد غالة "فرنسا". ومن ذلك الحين أصبح الإسلام عاملا رئيسيا من العوامل الموجهة لتاريخ الغرب الأوروبي١.
وكان "القوط" -وهم قبائل جرمانية- آخر الشعوب التي حكمت "إسبانيا"، في الفترة ما بين أوائل القرن الخامس الميلادي إلى أن فتحها المسلمون "سنة ٧١١م"، أي قرابة قرنين من الزمان. وقد اتخذوا من مدينة "طليطلة" -في شمال البلاد- عاصمة لهم. وفي السنوات الثلاثين الأخيرة من حكم القوط في "إسبانيا" أساءوا الحكم بين الرعية، إلى الحد الذي جعل المستشرق الفرنسي "ليفي بروفنسال" يطلق على هذه السنوات وصف "السنوات العجاف" بالنسبة لما يعرف من تاريخ إسبانيا القوطية، حيث كانت هذه الفترة مشحونة بالفوضى والاضطرابات، وأصاب المدن اضمحلال عام نتيجة لاضطراب أمور الدولة، وعدم الإحساس بالأمن، وسوء الأحوال المعيشية وسياسة الاستغلال. ويرجع السبب في ذلك إلى كثرة المنازعات والصراع بين الطبقات والحاكمين، وفيما بين الحكام القوط أنفسهم، إضافة إلى تفكك المجتمع الإسباني وقيامه على الطبقات المتحاجزة. وبعبارة مجملة: كانت إسبانيا قبل الفتح الإسلامي تشكو الفشل السياسي، والتأخر الاقتصادي، والتفكك الاجتماعي، والظلم الطبقي.
وقبل الفتح بسنة واحدة -أو تزيد- قام أحد رجال الجيش -ويدعي "رودريك"
١ راجع: أطلس التاريخ الإسلامي للدكتور/ حسين مؤنس "ص١٣٥".