للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثانيا: الفتوحات في الجانب البيزنطي]

[سيطرة المسلمين على الحوض الشرقي للبحر المتوسط في عصر الراشدين]

كان الروم البيزنطيون أشد أعطاء المسلمين، وأقواهم شكيمة. وقد أدرك معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- هذه الحقيقة حيث قضى أربعين عاما في قتالهم، منذ أن كان واليا على الشام في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه، وإلى وفاته "سنة ٦٠هـ" ولذلك نراه يوصي من بعده بقوله: "شذوا خناق الروم، فإنكم تضبطون بذلك غيرهم من الأمم"١.

وفي إقليم الشام تاخمت حدود الدولة الإسلامية حدود الأمبراطورية البيزنطية، كما جاورت ممتلكات تلك الأمبراطورية سواحل الشامل في حوض البحر المتوسط الشرقي، ومن ثم هدد الخطر البيزني إقليم الشام برا وبحرا.

ويعتبر الانتصار الحاسم الذي أحرزه المسلمون على الجيوش البيزنطية في موقعة "اليرموك" "١٣هـ/ ٦٤٣م" أو "١٥هـ/ ٦٣٦م" نقطة تحول هامة في حركة الفتوح الإسلامية، أدت إلى انهيار قوي الروم، وانفصال الشام عن جسم الامبراطورية البيزنطية. ويذكر المؤرخون أن "هرقل" عندما بلغه نبأ الكارثة التي حلت بجيوشه في معركة "اليوموك" رحل إلى "القسطنطينية"، فلما تجاوز الدرب الذي يصل أرض الشام بأرض "بيزنطة" نظر إلى الأراضي السورية وقال -يودعها بنظرة- "عليك يا سورية السلام، ونعم البلد هذا للعدو"٢.

وعلى إثر هذه المعركة أخذت مدن الشام الكبرى في الشمال والجنوب تتساقط سريعا، الواحدة بعد الأخرى في أيدي المسلمين. ولم يكد هؤلاء ينتهون من فتح


١ تاريخ خليفة بن خياط، ص"٢٣٠".
٢ فتوح البلدان، للبلاذري، تحقيق د. صلاح الدين المنجد -القسم الأول "ص١٦٢" "ط القاهرة ١٩٥٦م". والكامل في التاريخ لابن الأثير "٢/ ٣٤٢"، "ط دار الكتب العلمية، بيروت ١٩٨٧م". وراجع: تاريخ البحرية الإسلامية في مصر والشام للدكتور السيد عبد العزيز السالم، ودكتور: أحمد مختار العبادي "ص١٣" "ط مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية ١٩٩٣م".

<<  <   >  >>