للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من القضايا السابقة التي ذكرناها، ولكن من وجهة نظر منهج معين، وهذه المناهج التي تحل رموز هذه القضايا هي محور بحثنا هذا كله وزبدته، وهي قضية الساعة الملحة، وعلى فهمها والتعمق في تعليلها يتوقف سبر أغوار النص الجاهلي، والوصول إلى أقرب صورة من عصره وقائله.

فهدفنا الأساسي إذًا فهم النص الشعري فهمًا مغايرًا لما قصد إليه شراح الأدب القدامى من شرحه شرحًا لغويًّا، والتعريج على بعض صور التشبيه والمجاز وغيرهما من ضروب البلاغة.

وفي ظنِّي أن الظواهر والقضايا التي استقطبت اهتمام الباحثين والنقاد هي: الطلل، والصعلكة، والمعلقات، وأولية الشعر الجاهلية، ومشكلة المصير "الحياة والموت"، وأيام العرب، والأمثال، والرحلة، والوحدة في القصيدة الجاهلية، ولغة الشعر، والصورة الفنية، وخصائص الشعر الجاهلي، والأسطورة، والرمز.

وسنعرض لأهم الآراء التي قيلت في كل قضية أو ظاهرة، وندلي بدلونا؛ لأنها ستمهد الطريق أمام عرض مناهج دراسة الشعر الجاهلي.

ولقد كان للدارسين المحدثين مآخذ على مَنْ درسوا الشعر الجاهلي؛ بعضها على الأقدمين, وبعضها على بعضهم بعضًا، وقد يكن من المفيد حقًّا أن نعرض لهذه المآخذ، حتى إذا ما عرضنا للمناهج في نهاية البحث ندرك من تجنب هذه المآخذ، ومن تناقض مع نفسه فوقع فيها, ونؤثر عرضها بغير ترتيب زمني لأسباب أهمها أن الذي يعنينا هو المآخذ، ولعدم معرفتنا أسبابهم العلمية.

فطه حسين١ في معرض حديثه عن الوحدة المعنوية للقصيدة القديمة يرى أن الذين ينكرونها إنما ينكرونها لسببين هما: لعدم دراستهم الشعر القديم دراسة يتعمقون فيها أسراره ومعانيه، ويصدقون ما يقال فيه من الكلام، ولأنهم يقبلون ما يقوله الرواة في غير تحفظ ولا تحقيق، وينسون أن الشعر القديم نقل مذاكرة، فضاع ما ضاع، ولم تحسن الرواية، فكثر فيه الاضطراب، وظنَّ المحدثون أن هذا صفة الشعر القديم.

ونجيب البهبيتي٢ يقرر بأن جميع الفنون التي عالجها الشاعر الإغريقي


١ حديث الأربعاء، دار المعارف، ١/ ٣٣.
٢ تاريخ الشعر العربي، ص١٠٥.

<<  <   >  >>