للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القديم عالجها الشاعر الجاهلي، غير أن اليونان وجدوا طريق الملائمة بين هذه الفنون بوضعها في إطار من القصة، ولم نجد بين أيدينا في شعر الجاهلية الباقي هذا الإطار، وهو نفسه قد رفضته الأمة العربية في عهد نضجها المتأخر ولم تقبله، لما وصلت إليه من إحساس بالواقع، يتنافى مع صياغة القصة شعرًا.

ويقرّر مصطفى ناصف١ في مقدمة كتاب القيم، بأن معظم الدراسات متشابهة في بنيتها العقلية غير متعمقة في القراءة، وهناك كثير جدًّا من الحواجز القائمة بيننا وبين تراثنا القديم.

أما النويهي٢ فيعزو قصور النقد القديم عن فهم الشعر الجاهلي لأنه قام على أساس من علوم البلاغة التقليدية التي قصرت عن أن تلفتنا إلى الجمال الحقيقي في الأدب القديم، وإنما فعلوا ذلك لأنهم لم يفهموا ما الأدب؟ ولأنهم لم يستفيدوا مما نبه إليه اللغويون كابن جني في باب "إمساس الألفاظ أشباه المعاني". ويحاول في موضع آخر٣ أن يعلل عجزنا اليوم عن فهم الأصالة عند الشعراء بأننا لم نستثر خيالنا إلى أوسع مدى حتى نحقق الصورة الكاملة الحسية والفكرية والعاطفية التي يريد الشاعر بناءها، والتي يكتفي منها بلمسات مختارة يترك لنا تتبعها واستفياءها؛ لأن الشعر الصحيح يقوم على اللغة الموجزة المكثفة والمشحونة.

ويرى أحمد كمال زكي٤ بأن دراساتنا التاريخية المصتلة بالشعر تعاني من النقص، وسببه قصور في القوانين الفنية التي ارتضينا حتى الآن أن نحكمه بها, لذا فإن على المؤرخ الجديد للأدب العربي أن يتحرك في إطار مفهوم يحقق التكامل الفني بين أشكال التعبير في الأدب العربي، مع الحرص على تقديم الخلفية الجاهلية بالوضوح الذي رفضه الشراح الأقدمون، وتصحيح المفاهيم التي راجت نتيجة لاستبعاد بعض الأنواع الأدبية.

ويذهب عز الدين إسماعيل٥ إلى أن النشاط النقدي في مجمله نقد معياري،


١ قراءة ثانية لشعرنا القديم ص٥.
٢ الشعر الجاهلي: منهج في دراسة وتقويمه ص١٤، ص٢١، ص٧٠.
٣ الشعر الجاهلي: منهج في دراسته وتقويمه ١٥٩.
٤ ترثنا الشعري والتاريخ الناقص، مجلة فصول، مجلد٤ عدد٢ "١٩٨٤" ص١١-٣٢.
٥ مناهج النقد الأدبي المعاصر، مجلة فصول مجلد١ عدد "١٩٨١"، ص١٦.

<<  <   >  >>