للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اعتدت طائفة بأطراف من نظرية "تين"، وجعلت من الثالوث الذي ركبه من الجنس والبيئة والعصر عصاً سحرية تلقف ما عداها.

وأما الدكتور عبد الجبَّار المطلبي١ فتحدث ناقدًا طريقة دراسة الشعر الجاهلي في معرض دراسة حول "قصة ثور الوحش وتفسير وجودها في القصيدة الجاهلية" فيقول: "يبدو أن طريقة التسليم التي تفضي إلى قبول الأشياء كما هي من غير تساؤلٍ قاصد في أسباب وجودها، قد أغرت مؤرخي الأدب الجاهلي في البلاد العربية بسلوكها، فجاءت معالجتهم لشعر هذه الحقبة معالجة وصفية، وإن عرضت أحيانًا تحت تأثير المعنيين بالشعر الجاهلي من المستشرقين, وشكهم في صحة بعضه، لتساؤل ليست وراءه تطلعات أصيلة".

يحصر الدكتور سيد حنفي حسنين٢ مآخذ على الدراسات السابقة بواحد من الاحتمالات التالية.

إما طغيان الجانب التاريخي على المقومات الفنية، أو وقوف الباحث عند المنهج دون التعرض للتطبيق، أو يتناول موضوعًا محددًا طرحه الشعراء كالغزال أو المرأة أو الطبيعة يستقرءونه من المادة الفنية وكأنها وثيقة تاريخية، أو اجتماعية, دون الاهتمام ببيان الطبيعة الفنية لهذا الشعر، أو لأن الدراسين نظروا إلى العصر نظرة شاملة، واعتبروه مرحلة فنية واحدة، وإن وقفوا عند بعض الظواهر الفنية المتفردة كمدرسة زهير أو شعر الصعاليك.

ويحدد يوسف اليوسف٣ عيب الدراسات المعاصرة بأنها لم تحل الظاهر على باطنٍ يسكنه بعمق، أي: هي لم تتعامل مع الأشكال الفنية الجاهلية من حيث هي رموز تضمِر ما لا يتبدَّى على سطحها, لذا فهي لم تشكّل قفزة في تاريخ النقد المعاصر.

ويرى مطاع صفدي٤ بأن من الغريب حقًّا أن يكون الشعر الجاهلي هو مصدر


١ مواقف في الأدب والنقد، بغداد، وزارة الثقافة والإعلام، ١٩٨٠، ص٦٥.
٢ الشعر الجاهلي، المقدمة.
٣ بحوث في المعلقات، وزارة الثقافة، دمشق، ١٩٧٨م، ص٣٥.
٤ قراءة ثانية للشعر الجاهلي: الأصالة والممكن، مجلة الفكر العربي المعاصر عدد١٠ "شباط ١٩٨٠"، ص٥.

<<  <   >  >>