للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زالت جوانب كثيرة لم يكشف عنها بعد، وإنَّ ما قدَّمه الرواد فيه شعراء ونقادًا وأنثروبولوجيين يوحي بأنّ للأسطورة اليوم دورًا قد يقلب أنواع التقويم الأدبي رأسًا على عقب.

ويعقِد فصلًَا خاصًّا في كتابه "دراسات في النقد الأدبي", يتحدث فيه عن التشكيل الخرافي للشعر القديم، وهو يحدد أن ما يعنيه أولًا هو المضمون مقدرًا كل ما قدمته التشكيلات الشعرية من قيم جمالية, ويقرر بأن للأشطورة صلة بالدين, ولهذا فقد أثر تقصي المحتوى، من منطلق الخرافة التي قد تكون أساسًا للدين، وقد تكون أساسًا للأسطورة، إلّا أنها فيما يعرض بمعنى يبتعد عن المعنى الذي الذي قصد إليه. وهو يختار شعر الأيام ميدانًا لبحثه؛ لأنها وحدها تفي بأغلب ما صدر عن العصر الجاهلي، فهي تراث نبع من ضمير الجاهلي في شتَّى تكويناته الاجتماعية، وامتلأ بالمحتوى الفكري الذي يتشكّل تشكلًا قوميًّا لم تشاركه فيه الأمم المجاورة مع التسليم بوجود تأثير متبادل. والسبب الثاني: لأختيار شعر الأيام أنها تتضمن خلاصة الثقافة العربية الأولى ممتزجة بالأساطير والقصص الخرافي، لكن المحدثين منذ العصر الأموي دأبوا على طمسها, لما فيها من إيقاظ للشعور الجاهلي الذي أساسه العصبية، والسبب الثالث: لأن ملاحم الأيام زاخرة بإشارات ورموز حول آثار الشخوص الأسطورية المنقرضة والبلدان الطامسة, ثم عماليق يوم القيامة، ومعمري حرب البسوس، وأبنية يوم المشقر.

ويرى الباحث أن الكاهن والإبل والثور والغزال والحيات درات حول كل منها طقوس أو خرافات، ويقرر بأن عيون الشعر القديم كأنها كانت أصداء للتكوين الشعري للأيام.

أما الدكتور إبراهيم عبد الرحمن فله أعمال ثلاثة في هذا المجال هي: "الشعر الجاهلي: قضاياه الفنية والموضعية"١ و"التفسير الأسطوري للشعر الجاهلي"٢ و"من أصول الشعر العربي القديم"٣.

وفي البحث الأول الذي يتناول قضايا كثيرة متصلة بالشعر الجاهلي، ومنها


١ صدر عن دار النهضة العربية، بيروت، ط٢: ١٩٨٠م.
٢ مجلة فصول، المجلد الأول، عدد٣ "١٩٨١"، ص١٢٧-١٤٠.
٣ مجلة فصول مجلد ٤، عدد٢ "١٩٨٤"، ص٢٤-٤١.

<<  <   >  >>